منازل الزائرين

alrubua1

فيلم وثائقي عن الخانات المتواجدة بين النجف وكربلاء ، تلك الأماكن التي كانت مأوى للمسافرين والزائرين في نفس الوقت

الوقت : 47 دقيقة

مصدر النص : مجلة ينابيع

 

 

 

منازل الزائرين

الخانات بين النجف وكربلاء

نظرة عــامّة:

ما أن وضعت معركة الطف أوزارها، وتناقلت الركبان أخبارها حتى بدأت شيعة آل محمد(ص) تزحف نحو كربلاء من كل حدب وصوب وهم ينشدون باسم الحسين(ع) ويترنمون برثائه ورثاء أهل بيته(ع) الذين جادوا بأنفسهم الزكية ودمائهم الطاهرة دفاعاً عن مبادئ الإسلام والتي أراد الأمويون القضاء عليها وإعادة الجاهلية كرّة أخرى.

وعندما نتصفح كتب التاريخ والسيرة والمقاتل نجد أن أربابها يتفقون مرة ويختلفون أخرى حول شخصية الزائر الأول لقبر أبي عبد الله الحسين(ع) فتارة يذكرون جابر بن عبد الله الأنصاري وعطية العوفي اللذين وردا كربلاء أيام أربعين الإمام الحسين(ع)، ونكاد نجزم أن خلال هذه المدة (أي: الأربعين يوم بين استشهاده(ع) في العاشر من المحرم ويوم الأربعين، المصادف للعشرين من صفر) قد زار الحسين(ع) ثلة من شيعته ومن أهل بيته وتكفي الإشارة إلى ورود الإمام علي السجاد(ع) يوم الثالث عشر من المحرم لدفن تلك الأجساد المطهرة كي نعتبره(ع) الزائر الأول.

وعلى أية حال فلم تكن الرحلة إلى كربلاء بالسهلة الميسرة، بل إن مجرد التفكير فيها يولد تحسبات عدة للمخاطر الجمة التي يتعرض لها الزائر، وأول هذه المخاطر هو انتشار المسالح (جمع مسلحة وهي اليوم بمثابة السيطرة الأمنية بين المدن)، وكانت مهمة هذه المسالح، ضبط زائري الحسين(ع) وحجزهم، ثم اقتيادهم إلى دوائر السلطة الأموية الحاكمة.

وقلما ينجو أحد من شَرَطة المسالح، وتبدو هنا غاية الأمويين واضحة فهم يريدون قطع الطريق أمام الزوار الذين يتمثل لهم الحسين(ع) في كربلاء أنموذجاً مثالياً للثورة ضد الطغيان، ودماً يطلب من محبيه الأخذ بثاره.

وقد حثّ أئمة آل البيت(ع) على زيارة الحسين(ع) وعبؤوا لهذا الأمر شيعتهم ومحبيهم تعبئة فكرية شاملة، حتى أفرد أرباب كتب الأدعية والزيارات باباً بعنوان (ثواب زيارة الحسين على خوف)، فعن ابن بكير قال: قلت لأبي عبد الله الصادق(ع): إني أنزل الأرجان(1)، وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح، فقال(ع): يا ابن بكير، أما تحب أن يراك الله فينا خائفاً، أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظله الله في ظل عرشه، وكان محدثه الحسين(ع) تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة،  يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقرّته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشارة)(2).

وهذا الحديث يكشف عن مدى الصعوبات المعيقة المتعلقة بزيارة الحسين(ع) فما بالك بقصده(ع) بعد استشهاده، ويعطينا الشخص الذي كان بمعية جابر يوم وروده كربلاء بقوله: (…وكان جابر ومن معه من آل الرسول7، وجماعة من بني هاشم عند قبر الحسين(ع) وعندما لاح له سواد قد طلع عليهم من بعيد من جهة الشام، قال لي جابر: انطلق إلى هذا السواد وأتنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا لعلنا نلجأ إلى ملجأ…)(3).

وهكذا كان ديدن الشيعة على مر العصور وما تعاقب على الحكم فيها من حكام متسلطين شنوا حرباً شعواء على نهج الحسين(ع) ومن سار عليه.

وعندما استتب الأمر لبني العباس زادوا في الكيل مقداراًً ومقداراً، وكان البدء بما قام به هارون عندما قلع السدرة، التي كان يستظل بها الزائرون عند قبر أبي عبد الله الحسين(ع)، وعلى خطاه سار بنوه فالمتوكل الذي حرث أرض كربلاء وأجرى الماء لطمس معالم تلك القبور ولم يكتف بذلك بل أوعز إلى شرطة المسالح والعيون والجواسيس بتغريم من يجدوه في طريقه قاصداً كربلاء وكان المبلغ المأخوذ مبلغاً ضخماً. ومع ذلك تحدى محبوا الحسين(ع) وجاؤوا بما لديهم من غالي المتاع ونفيس المؤونة يدفعونه عوض التعطر بشذى القبر والأخذ من معاني البطولة والتزود بالدعوات والصلوات بما يريح النفس ويزيل الألم والهم.

ثم ارتأى المتوكل أن يجعلها غرامة جسدية وذلك بأن يقطع يد الزائر لعله يمتنع عن زيارته، فلم تنفع تلك المحاولة أيضاً، فقد أعطى الزائر يده اليمنى ثم أتى العام المقبل ليقول خذوا اليسرى!

في العصور المتأخرة وما فيها من عسر ورخاء كان على الزائر أن يوطّن نفسه لتحمل المشاق غير المتعلقة بمشكلة موقف الدولة الحاكمة وسياستها اتجاه قضية الحسين(ع)، منها التعرض للسلب والنهب.. وحشة الطريق وعناء السفر.. السير ليلاً ونهاراً.. حراً وبرداً.. إضافة لخطر المواجهة مع الحيوانات المفترسة، خصوصاً وأن الزائرين قد يأتون من أماكن بعيدة يقصدون زيارة أمير المؤمنين(ع) في النجف الأشرف وزيارة الحسين(ع) في كربلاء.

إذن لابد لهم من منازل بين هاتين المدينتين المقدستين، يأوون إليها ويرتاحون فيها. فكّر أصحاب الهمم العالية والأيادي السخية من علماء أعلام (قدست أرواحهم) ومحسنين كرام بالأمر ملياً، فقرروا إنشاء منازل حصينة مأمونة تكون وقفاً لأبي عبد الله(ع) ينزل بها الزائر ليجد المأوى والمأكل والمشرب إضافة لما يبتغيه من خدمات.

منازل ثلاثة، أو بالأصح كما يقال: خانات ثلاثة بين النجف وكربلاء (خان المُصلى، خان الحماد، خان النخيلة).

زرناها ووقفنا على معالمها، التي تركتها يد الزمن أطلالاً، وصيرتها بعد العمران بلاقعاً، إلا ما أدركتها حصيلة الترميم أو تلك التي صمدت بوجه العاتيات.

لنقف معاً في هذا العدد الخاص نقلِّب صفحات الماضي بما يخصها وهي جديرة بالاهتمام والاحترام كيف لا وقد آوت زائري الحسين(ع).

مصطلح الخان:

الخان هو حانوت أو محل نزول المسافرين، وقال في المنجد (الخان) كلمة دخيلة أعجمية أدخلت في كلام العرب والجمع خانات(4) أما ابن منظور فيقول يعني بكلمة الخان الحانوت أو صاحب الحانوت وهو أي الخان فارسي معرّب(5) وبالرغم من أعجمية كلمة الخان إلا أن لها تاريخ موغل في القدم في استعمالات العرب وعند تصفحنا لبعض الكتب نجد أنها وردت في كتاب الطبري وغيره من مؤرخي تلك الفترات ولعل استعمالها أبعد من ذلك بكثير إذ أن الطبري يوردها دون تفسير لمعناها، وهذا يدل على أن المتلقي يعرف بديهياً معنى الخان دونما تعريف لهذه الكلمة، وحتى عند الإنكليز (Inn) وهو يعني الفندق أو المنزل الذي يأوي إليه المسافرون.

انتشار الخانات:

بما أن الخان كان يعد بمثابة الفندق اليوم، فقد ازدحمت المدن بالخانات التي تأوي المسافرين وتوفر لهم وسائل الراحة وخصوصاً في الحواضر الإسلامية فضلاً عن انتشارها في الطرق المؤدية إلى هذه الحواضر وغيرها من المدن الإسلامية.

هناك رأيان فيما يخص الطريق بين كربلاء والنجف:

الرأي الأول: أن الخانات المنتشرة والتي أشرنا إليها آنفاً هي مرتبة وفق حاجة المسافرين بصورة عامة دونما الأخذ بنظر الاعتبار اختصاصها بزائري المدينتين المقدستين دون غيرهما، وعليه فالزائر يأوي إليها أي الخانات مثلها مثل الفنادق اليوم التي ينزل بها الزائر، وهكذا حتى الوصول إلى النجف أو كربلاء.

الرأي الثاني: يقول إن هناك سلسلة من الخانات الموقوفة خاصة لزوار العتبات المقدسة ففي صحيفة (الأهالي) نشر بحث (خان النص) وفيه يقول الكاتب (وجدت أن هناك 99 خان تمتد من طهران إلى النجف ثم خانات ثلاث تتصل بكربلاء) على أنني شاهدت وفي الطريق إلى خراسان، حيث مشهد الإمام الرضا(ع) خاناً شبيهاً بخان النص (خان الحماد) وعندما سألت عنه هناك، قيل لي إنه خان يأوي قاصدي الإمام الرضا(ع).

هناك خبر يقول إن الخانات ممتدة من مدينة البصرة مروراً بالديوانية ووصولاً إلى النجف ثم كربلاء، وإلى الإسكندرية ثم بغداد إلى خان بني سعد، ومنه باتجاه الأراضي الإيرانية، وما يؤكد هذا الخبر كثرة الزوار الإيرانيين الذين يقصدون العتبات المقدسة في العراق والذين لابد لهم من مأوى، الذي يستريحون فيه من عناء الطريق استعداداً لرحلة جديدة، تواصل الدرب باتجاه كربلاء الحسين(ع).

طريق النجف ـ كربلاء:

لم يشهد طريق حدثنا به التاريخ حركة مستمرة مثلما شهده طريق النجف ـ كربلاء الذي ازدحم بالزائرين، فهم يتنقلون بين وادي السلام حيث حامي الحمى وصي المصطفى7، ووادي الطفوف، كربلاء الشهادة والبطولة والتضحية عموماً فقد كان استخدام هذا الطريق يتم بواسطتين:

أولهما: الدواب (قبل ظهور وسائل النقل السريعة).

ثانيهما: المشي على الأقدام، وكان لهذا الاستخدام وقعاً خاصاً بالنفوس حتى أصبحت هذه الحالة من مراسم زيارة الأربعين والتي من خلالها تزحف الناس نحو كربلاء المقدسة، كما أن المشي على الأقدام له من الفضل ما لم يتمتع به غيره، فعن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال: قال أبو عبد الله الصادق(ع): (يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن عليH، إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال: إن رسول الله(ص) يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غُفر لك ما مضى)(6).

وبناءً على هذا الحديث كان علماؤنا الأعلام ولازالوا يحثون شيعة آل محمد على التمسك بالمشي على الأقدام، ففي كتاب (قصص وخواطر ص:257) ينقل الشيخ المهتدي أن آية الله العظمى السيد محمد مهدي بحر العلوم المتوفى سنة 1312هـ كان قد سافر من النجف إلى كربلاء مشياً على الأقدام وكان معه جمع من الأدباء والعلماء، فلما وصلوا إلى أحد منازل الطريق استراحوا ساعة من التعب، ثم أرادوا مواصلة المسير لضيق وقت الزيارة فلم يتمكن السيد بحر العلوم من مواصلة الدرب لضعفه ونحافة جسمه، فتمثل ببيت الشعر:

صار لي من فرط ضعفي                  وطن في كل وادي

ودموعي صيرت لـي                   بقعة في كل نادي

كذلك فقد حثّ الشيخ النوري صاحب (مستدرك الوسائل) على زيارة سيد الشهداء(ع) مشياً على الأقدام، ففي سنة 1319هـ كان يكتري بعض الدواب لحمل الأثقال والأمتعة، ويمشي هو وصحبه لكنه لضعف مزاجه لا يستطيع قطع المسافة من النجف إلى كربلاء بمبيت ليلة كما هو المرسوم عند أهله، بل يقضي ثلاث يبيت الأولى في خان المصلى، والثانية في خان النصف، والثالثة في خان النخيلة فيصل إلى كربلاء في الرابعة، وكان هذا الأمر من سنن الأخيار وأعظم الشعائر.

عموماً يمكن القول (إن السفر إلى كربلاء من النجف يستغرق ثلاث ليال سواءً كان مشياً على الأقدام أو ركوب العربات التي تجرها الخيول أو امتطاء الحيوانات)(7).

كما كانت العادة المتبعة عند مجيء شخصية مرموقة من كربلاء إلى النجف خروج أهالي المدينة لاستقبالها، وكان يتقدمهم العلماء والأعيان، فيكون أحد الخانات الثلاث مركزاً للاستقبال، وهذا الأمر ينطبق عند تشييع جثمان عالم من العلماء، حيث تستقبله الناس في خان من الخانات، كما شهد هذا الطريق أحداثاً دامية، ففي شهر صفر من عام 1397هـ أعلنت الحكومة آنذاك منع المسير إلى كربلاء لحجج واهية، وكان هدفها الرئيس هو القضاء على هذه الشعيرة التي تضفي على نفوس الجماهير الحماس والاستمرار على نهج الحسين(ع)، ولم يثن هذا الأمر عزم الموالين بل خرجوا من النجف وهم متسلحون بحب الحسين(ع) وساروا في هذا الطريق يرددون هتافات الحب الأبدي، والعهد الأزلي معه(ع): (لو قطعوا أرجلنا واليدين، نأتيك زحفاً سيدي يا حسين)، (أبد والله ما ننسى حسيناه).

وهكذا سارت المسيرة السلمية وانقضت ليلتها الأولى في خان المصلى، ثم واصلت الدرب صباحاً وكان خان النصف محطتهم الثانية، وفيه علموا أن الحكومة سوف لن تمرر هذا التحدي بسلام، بل ستقتص منهم، وهكذا واصلوا المسير. وفي خان النخيلة واجهتهم القوات المسلحة بذخائرها وطائراتها وكأنها تواجه جيشاً عرمرماً متناسية أنهم فئات متنوعة من الشعب بين الشاب والشيخ والطفل، نساءً ورجالاً، فاحتدمت المواجهة، ومع ذلك فقد سجّل الأحرار العزّل انتصارات محدودة، وفي نهاية الأمر فقد استطاع الجيش إلقاء القبض على من بقي منهم في حين واصل بعضهم الطريق بين البساتين حتى دخل كربلاء، وقد أعدم على إثرها ثلة من الشهداء السعداء، نذكر منهم: السيد وهاب الطالقاني، محمد البلاغي، جاسم الإيرواني، نجاح المشهدي، غازي خوير، عباس عجينة، صاحب أبو كلل… وغيرهم. فسلام عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثوا أحياءً.

ولما حاز هذا الطريق مثل هذه الحركة النشيطة والفضل الجسيم فقد استقرت الفكرة على بناء منازل فيه وكما ذكرنا، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن أول الخانات كان يدعى بـ(خان جذعان)، وهو يقع إلى الشرق من خان المُصلى على يسار الذاهب من النجف إلى كربلاء، ذكره الرحالة (الواموسيل) عام 1912م وأشار إليه بقوله: (تقع في شرق خان المُصلى قلعة درويش، وهو موقع غير بعيد عن خان جذعان وتليل الذيب)(8).

والظاهر أن خان جذعان كان وحده بين المدينتين، (عندما بنيت الخانات الثلاثة هُجر، وقد زحفت إليه رمال الصحراء فصار رابية)(9).

وقد زرناه فلم نلحظ أي أثر دال عليه سوى تل ترابي، بل لم نستدل حتى على أطلال باقية اليوم، وأما استدلالنا عليه فقد تم عن طريق مزارع يعمل بالقرب منه أكد لنا موقعه والذي رآه مثبتاً في دائرة الزراعة، يقع بالقرب من المشتل الخاص بشركة صناعة الإطارات.

وجذعان هو عبد مملوك لأمير هندي يدعى (الراجا) كان قد بعثه في تجارة له في العراق و(الراجا) هذا معروف بولائه لآل البيت(ع) كما أن عبده جذعان أيضاً من الموالين وعندما حصل جذعان على مبلغ ضخم من تجارته زار كربلاء ثم النجف، ولما رأى بُعد الطريق وحاجة المسافر للراحة، فكر ملياً في الأمر وعزم على بناء خان أثناء الطريق وكان له ما أراد، ثم بنى في صحن الإمام الحسين(ع) منارة مشهورة تدعى (منارة العبد) والتي اندرست معالمها هي الأخرى. وقد أثبتنا صورتها في مجلتنا في العدد الرابع على الغلاف الخلفي.

تاريخ الخانات وواقع اليوم:

اختلفت الآراء حول إنشاء هذه الخانات، وإن أردنا التوغل فيها والوقوف على واقعها فلابد من معرفة كل خان على حدة، وعليه فسوف نبدأ بخان المُصلى (الربع).

خان المُصلى (الربع):

يبعد (خان المُصلى) عن مركز مدينة النجف الأشرف بمسافة اثني عشر ميلاً، حسب تحديد الرحالة (ليدي دراور)(10) كما حدده الطريحي بقوله: (خان المُصلى الذي يبعد عن النجف عشرين كيلومتراً)(11)، ويقع على يمين الذاهب من النجف إلى كربلاء أما تاريخ بنائه ففيه أقوال، فقد أشار الدكتور حسن الحكيم بقوله: (وقد تولى بناءه الحاج حسن بن الحاج أحمد مرزه المتوفى عام (1305هـ/ 1888م)، وكان بدء البناء عام (1304هـ) أي قبل وفاته بعام واحد، وقد خصص ثلث أمواله لبناء الخان، فقد بلغت تكاليفه (اثنتا عشر ألف ليرة ذهبية) عدا ثمن الأرض المحيطة بالخان على أساس تحويلها إلى مزارع لتأمين حاجة الساكنين هناك، وإطعام المسافرين من خضارها)(12).

أما الطريحي فيقول (خان المُصلى) بناه الحاج محمد حسين خان الأصفهاني ثم جدد بناءه الحاج حسن مرزه، والحاج محمد حسين كان مقرّباً من ملوك القاجارية في إيران بل كان يشغل الصدارة لفتح علي شاه، ومن جملة أعماله إتمام بناء السور الخامس الذي يحيط بمدينة النجف القديمة، فقد جعله على هيئة أسد رابض (يطوق المدينة)(13) وفاتنا أن نشير إلى أن الحاج محمد حسين خان الأصفهاني توفي سنة (1239هـ /1824م).

وهناك رأي آخر:

في سنة (1258هـ) سار والي بغداد آنذاك (نجيب باشا) إلى النجف، وبعد أن أوقع بأهل كربلاء بلغه تمرد أهل النجف أيضاً فسار إليهم فلما كان على فراسخ منها، حط رحله وصلى، وفي هذا الموضع بنى خان وعرف بـ(خان المُصلى) حتى اليوم، وتمت بعد ذلك المصالحة بينه وبين أهل النجف(14).

وفي الواقع أن خان المُصلى كان مكوناً من مجموعة خانات وبيوت متداخلة حيث يذكر تقرير عسكري أعدته رئاسة الأركان البريطانية في سنة (1329هـ/1911م): (…أما منزل خان المُصلى فكانت فيه ثلاثة خانات وستة مقاهي دون بيوت)(15).

وعليه يمكن القول: إن أحد الخانات الثلاثة كان قد بناها الحاج محمد حسين خان الأصفهاني، والآخر بناه الحاج حسن مرزه، والثالث لا نعرف من بناه. فقد يكون نجيب باشا ـ حسب النص المتصدر أعلاه ـ وقد يكون بناؤه من قبل الحاج حسن مرزه، وهذا ما أكده الأسدي عند عرضه خبر (نجيب باشا) المتقدم، فقد ذكر مهمشاً على عبارة: (…في ذلك الموضع الذي صلى فيه الوالي بني الخان الذي عرف بخان المُصلى حتى اليوم…) فيقول: (إن باني هذا الخان هو الحاج حسن بن الحاج أحمد بن مرزه الأسدي)(16).

وقد أشار السيد جعفر الحلي إلى بناء (خان المُصلى) بقوله مؤرخاً:

من جاء نحو المُصلى خائفاً أمنا            وفيه راحة من بالسير نال عنا

فانزل على الرحب في خان له شرف     واعقل بساحته الانضاء والمزنا

وكيف يزعج خوفاً من يبيت به          وقد توسط بين السادة الأمنا

من كربلاء ومن أرض الغري غدت     تزجي الركائب حدواً من هنا وهنا

لقد بناه ابتغاء الأجر ذو نسك             له الإله قصوراً في الجنان بنا

يا زائر السبط مهما بثثت دعا             أرّخ (بحق حسـينٍ اذكر الحسنا)(17)

وفي البيت الأخير بعد كلمة أرخ يذكر تاريخ البناء سنة (1309هـ) كما يطلب السيد الحلي من زائري الحسين(ع) أن يذكروا الحاج حسن ويدعوا له لهذا العمل الصالح.

إن أول بناية للخان كانت في العقد الثالث أو الرابع من القرن الثاني عشر في حياة الحاج محمد حسين خان ثم قام المرحوم الحاج حسن مرزه بترميم هذا الخان ثم بنى خاناً ألحقه به واليوم يطلق على الخانين معاً خان المُصلى (خان الربع).

وصف خان المُصلى قديماً:

في عام 1890م زار الخان الرحالة (جون بيترز) والظاهر أنه وصل في وقت ترميم وبناء الخان، أما من وصفه فكان السائح (الواموسيل) بقوله: (وهو بناء مستطيل، تحيط به جدران عالية من الآجر، ويدعم كل جدار في وسط برج نصف دائري، وينفتح الباب على الشرق، وقد بنيت أروقته على أضداد جدران باحته)(18).

كما وصفه الدكتور حسن الحكيم في بحثه (خان المصلى لوحة تاريخية من العهد العثماني الأخير) فقد زار الخان يوم الخميس 14 رجب 1419هـ ووقف على آثاره.

رحلتنا إلى خان المُصلى:

في صبيحة يوم السبت المصادف للرابع عشر من شهر ذي القعدة عام (1426هـ) المصادف 17/12/2005م اتجهنا في طريق النجف ـ كربلاء ثم أخذنا جادة فرعية ذات طريق غير معبد، تمر خلال مزرعة، وفي نهاية المزرعة يوجد طريق ترابي عريض بمحاذته يقع السور الجنوبي للخان، ثم أكملنا طريقنا الفرعي واتجهنا يساراً وإذا بالواجهة الأمامية للخان من الجهة الشرقية تطالعنا مع ثلة من الأطلال والآثار هنا وهناك منها ما استطعنا تمييزها، إذ تبدو محلات وهي عبارة عن أواوين معقودة بالطابوق، كانت تزود المسافرين بالغذاء والاحتياجات الأخرى إضافة لمرابط الخيل والدواب.

كما ميزنا المطبخ وهو الكفيل بتقديم وجبات الطعام على المسافرين من المدخل الرئيسي ويبدو فيه الموقد القديم وفتحة التهوية المتصلة من أعلى الموقد إلى السقف ولازالت آثار الموقد ماثلة للعيان، كما شاهدنا عدة قبور متناثرة في واجهة الخان وعندما سألنا عنها أحد السكان أخبرنا: (أن العوائل الساكنة هنا عندما يموت لهم طفل يدفنونه عند هذا الخان وأما القبر القريب من باب الخان فهو للسيد مهدي الذبحاوي والذي يرتفع عليه علماً أبيض يميزه عن غيره من القبور).

كما توجد في الواجهة الأمامية مدرسة ابتدائية مشيدة حديثاً تدعى (مدرسة القسطل)، أما بوابة الخان الرئيسية فتبدو مهدمة عدا جانبها الأيمن، وهو عبارة عن دعامة جدارية مبنية بالطابوق يتخللها إيوان صغير بارتفاع لا يتجاوز المتر والنصف، وأما الجانب الأيسر الذي يماثل الجانب الأيمن فقد أزيل تماماً بينما كان قائماً عندما زاره الدكتور حسن الحكيم قبل ثمان سنين، وهذا الإيوان يسنده عمودان معقودان بالآجر ويرتفعان عن مستوى السور قليلاً ولا يخلوان من الجمالية المعمارية حيث يظهر عليهما اللمسات الفنية وملامح العمارة في العصر العثماني.

دخلنا إلى الخان وكما أشرنا فهو عبارة عن خانين الواحد تلو الآخر ولكنهما يظهران من الخارج كقطعة واحدة يضمه سور من جميع جهاته، أما الخان الأول فلم يبق منه سوى بعض الأواوين المتناثرة هنا وهناك، كما يبدو في وسطه بئر كان يُستقى منه، عموماً يمكن القول أن كلا الخانين متصدعان جراء احتلاله من قبل جيش النظام المقبور عقيب الانتفاضة الشعبانية عام 1991م، فقد نُقل لنا أن الجيش جعل يهدم من البناء القائم ليأخذ الطابوق فيستفاد منه في بناء بعض ما يحتاج إليه معسكره، كما تجدر الإشارة إلى ما وجدنا من مخلفات أسلحة مثل الشظايا المتطايرة وبقايا الطلقات المتصدئة، ومما أثار إعجابي أن موقعاً على شبكة الإنترنت يظهر أسماء السجون في العراق أيام العهد البائد، فيذكر معتقل (خان المُصلى) ولا ندري هل هو معتقل سري أم يقع في منطقة (خان المُصلى) والأمر نفسه بالنسبة لـ(خان النخيلة) حيث يظهر اسم معتقل (خان النخيلة).

على أية حال عندما دخلنا إلى الخان الآخر وجدنا أغلب آثاره واضحة للعيان وأفضل من الخان السابق والظاهر أن هذا الخان هو الأحدث حيث تظهر بعض الأواوين بصورة جيدة تبلغ مساحة الخانين معاً عشرة دونمات وأربعة أولك(19).

وفاتنا أن نقول: إن المدخل إلى الخان الثاني يقابل المدخل الرئيس، يحيط بالخان الثاني أواوين واسعة، يتخللها إيوان كبير نصف دائري على الجهات الأربع، كما نلاحظ أبراجاً أربعة عند كل زاوية من زوايا السور المحيط بالخان.

تبدو بعض الأواوين بحالة سليمة، فيما يتعلق بالأواوين الواقعة على الجهة الشرقية، نلاحظ أن الإيوان ينقسم نصفين قسم يطل على ساحة الخان القديم (الأول) وقسم يطل وجهه على ساحة الخان الحديث (الثاني)، أما الأواوين الواقعة على الجهات الثلاثة الأخرى فهي تقابل ساحة الخان، وفي ظهرها تماماً تظهر أروقة معقودة بالآجر على هيئة قباب معمولة بطريقة متقنة تنبئ عن مهارة البناء وحذاقته ورفعة الذوق الفني لديه، وقد سقفت هذه الأروقة لغرض حماية المسافرين من الأمطار والحر والبرد، وغالباً ما يكون البناء على هذه الشاكلة في الصيف يضفي جواً بارداً على من يستظل به، فينتهي كل رواق بساباط معقود على هيئة قبة أيضاً، كما ينتهي كل ساباط بزاوية (طاق) معقود بطريقة هندسية وله مدخلان، أما الأرضية فهي بأبعاد (1،5×1م)، كذلك لاحظنا أن الأواوين المطلة على ساحة الخان يفصل بينهما حائط سميك بعرض متر واحد وفي أعلاه يتزايد سمكه ويتداخل مع الآخر، لأن الأواوين مقوسة، كما يوجد على كل حائط محمل خشبي، والظاهر أن هذا المحمل كان للمشعل الذي يضيء الخان ليلاً.

لم نستطع إحصاء عدد الأواوين المطلة على ساحة الخان، وذلك لزوال أغلب معالمها، ولكن يمكن القول: إن في كل جهة توجد تسعة أواوين، يتوسط تلك التسعة إيوان كبير متميز، تبلغ عرض واجهته (4،7م) وتكون أرضيته دائرية على هيئة نصف دائرة وهو يكون مكشوفاً غير مسقف، أما الإيوان الاعتيادي فتبلغ واجهته (3م) وتكون أرضيته مستطيلة، كما توجد في ساحة الخان دكتان كبيرتان متقابلتان يبلغ عرض الواحدة منهما (10م) وبطول مقداره (25م)، وترتفع عن الأرض بمقدار متر، مفروشة بالطابوق  المربع (الفرشي) والظاهر أنهما بمثابة المسجد، لأن أكوام التراب والطابوق الموجودة على جهة القبلة تنبئ عن وجود محراب، ويفصل بين هذين الدكتين بئر تبدو فوهته الدائرية مكشوفة، وقد بني إلى عمق مناسب بالآجر المرصوف بطريقة هندسية فنية، والبئر يتم النزول إليه بواسطة سلم يحتوي على اثنتي عشرة درجة مرصوفة بالآجر أيضاً.

بعد أن انتهينا من وصف الخان بقي شيء يجب أن ننوه له وهو: أن هذه الخانات كانت ولازالت وقفاً خالصاً للحسين(ع)، وعليه فلا يجوز أخذ حجر أو مدر منها، وقد نقل لنا أن بعض الأعراب أخذوا من أحجاره لبناء مكان إقامة لهم مما كان عليهم من وبال الأمر ما دمر معاشهم ودوابهم.

خان الحماد (النصف):

ويطلق عليه تارة خان النص (أي النصف باللهجة الشعبية العراقية)، وأخرى (الحماد) والحماد تعني بلغة أهل الريف والبادية: الصحراء، أما كلمة (النص) فقد أطلقت عليه لأنه يتوسط الخانات ويتوسط الطريق بين كربلاء والنجف.

يبعد خان النص عن النجف الأشرف ما يقارب الأربعة والأربعين كيلومتراً، وعن خان المُصلى اثنين وعشرين كيلومتراً، وبهذا يكون فعلاً في منتصف الطريق.

الظاهر أن خان النص هو أقدم الخانات بناءً، فهو أقدم من خان المُصلى باعتبار وجود خان جذعان الأقرب إلى خان المُصلى، وعليه فإن الذي يمر في خان جذعان وينزل فيه لا يتوجب عليه النزول في خان المُصلى باعتباره قريباً منه، إذن لابد من قطع مسافة أبعد، فيكون خان الحماد المنزل المناسب للزائرين.

أما تاريخ أول بناء له، فهناك بعض الإشارات التاريخية تدل عليه، وسوف ندرجها كالتالي:

1ـ أنشأ الخان في عهد الوالي العثماني المحتل سليمان في عام (1774م ـ 1189هـ) كمحطة استراحة لزوار العتبات المقدسة، ولقد كان يعتبر محطة استراتيجية يربط الشام بإيران(21).

2ـ ذكر السيد محسن الأمين في ترجمة الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني المتوفى سنة (1230هـ)، وذلك عند عرضه لأشعاره (وله مؤرخاً عام بناء الخان الذي أمر ببنائه السيد المذكور في طريق زوار الحسين(ع)) والمذكور هو سيد الطائفة السيد محمد مهدي بحر العلوم(قده):

لله في الخانات خان السيد                   بهر العقول فمثله لم يوجد

خان يفوق على الخورنق في البنا           مذ فاق صاحبه الورى بالسؤدد

سوّاه سيدنا الذي هو في الورى               بعد الأئمة خير ولد محمد

ثم يستطرد في ذكر صفات السيد(قده) وفضائله إلى أن يقول:

فالصرح فاق وراق وهو ممرّد        والخان راق وفاق غير ممرّد

حجراته الغُرفات إلا أن من         قد حل فيه كان غير مخلّد

للزائرين أعده ابن المرتضى الـ      ـمهدي أبقاه القديم السرمدي

أحسن بخان كله الحسنات ما     عملت رئاء في بناه من يد

هذا هو القصر المشيد ظلاله         مُدت برأي موفق ومسدد

فلذاك أعرب عن بناه مؤرخ        (كنف حمى الزوار خان السيد)(22)

وعند حسابنا لمادة التاريخ الشعري نجدها تساوي (1200هـ)، أي قبل وفاة السيد بحر العلوم باثنتي عشرة سنة.

ورب قائل يقول: إن هذا الشعر ليس فيه أدنى إشارة إلى خان النص (الحماد)، فقد يكون هذا البناء في موقع خان المُصلى أو موقع خان النخيلة، ونجيب بأن القرينة التاريخية تستلزم بناءه في هذا المكان وذلك للأسباب التالية:

أ ـ من خلال الدراسات التاريخية فإن خان المُصلى كان أقدم بناء له في عهد الحاج محمد حسين الأصفهاني المتوفى سنة (1239هـ).

ب ـ في تقرير عسكري سري ومكتوم أعدته رئاسة الأركان البريطانية العامة في سنة (1329هـ ـ1911م) مفاده: (وكان منزل خان الحماد يتألف من عشرة خانات ومائة بيت وعدد من الآبار التي يصلح ماؤها للشرب)(23).

واليوم ومن خلال زيارتنا للخان لم نجد سوى خمسة خانات ولعل أحد هذه الخانات وهو الذي رأينا فعلاً لم تبق منه سوى آثار وأطلال هو الخان الذي بناه السيد بحر العلوم.

كما يدل الشعر على أن الخان الذي بناه هو من بين مجموعة خانات بقوله: (لله في الخانات خان السيد)، إلا أن الخان الذي بناه السيد بحر العلوم قد فاق على مثيلاته من الخانات.

ج ـ موقع خان النص هو الأفضل لبناء خان فيه وذلك لأن موقع خان المُصلى يقع بالقرب منه خان جذعان، وهو يغني عن خان المُصلى، أما موقع خان النخيلة فهو الأقرب إلى كربلاء أي أن الزائر يكون محتاجاً للخان في موقع خان النص أكثر من غيره من المواقع.

3ـ أورد السيد محسن الأمين أيضاً في ذكر السيد مهدي الحلي (عم الشاعر السيد حيدر الحلي) المتوفى سنة (1287هـ) قصة جاء فيها: وكان المُتَرجم قد جاء لزيارة الإمامين الكاظمين(ع) فبينا هو سائر إذ ارتفعت قبل العصر غمامة ومطرت مطراً غزيراً فعدل إلى الخان (بين كربلاء والنجف) المسمى بخان الحماد بناه الحاج محمد صالح بن الحاج مصطفى كبّة البغدادي وقال:

وبيت على ظهر الفلاة بناه من          له همة من ساحة الكون أوسع

نزلنا به والغيث يسكب ماؤه            كأن قطره من سيب كفيه يهمع

ثم يستمر في وصفه للخان إلى أن يقول:

وبتنا بها حتى تمنت نفوسنا           نقيم بها مادامت الشمس تطلع

ومنها وإن عزّت علينا بيوتنا            وددنا إلى أكنافها ليس نرجع

ففيها أبو المهدي أسبغ نعمة            على الناس فيها طوّق الناس أجمع

له الله كم أسدى سواها ضائعاً          بأمثالها سمع الورى ليس يقرع(24)

وقد لاحظنا اضطراباً في بعض الأبيات.

4ـ وخان الحماد يقع في منتصف الطريق بين كربلاء والنجف هو أكبر الخانات وأتقنها وقد بنته أسرة آل كبّة البغدادية، وعلى يد الحاج محمد صالح بن الحاج مصطفى كبّة المتوفى سنة (1287هـ ـ1870م) كما بنى الحاج محمد صالح خاناً في منطقة الإسكندرية يدعى (خان الوقف) أوقفه لزائري العتبات المقدسة في العراق(25) ثم زاد عليه العلامة الكبير الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى عام (1281هـ ـ 1864م)(26) ومما يقارب هذا النص (خان الحماد بناه الحاج محمد صالح كبة البغدادي، وبنى بجانبه الشيخ مرتضى الأنصاري خاناً ويحيط بالاثنين سور واحد وكل يدعى خان الحماد)(27).

مما تقدم يتبين لنا أن الخان هو عبارة عن مجمع من الخانات، وكل خان سعى ببنائه محسن من المحسنين، فالسيد بحر العلوم(قده) والشيخ الأنصاري(قده) والحاج محمد صالح(ره) كل منهم بنى خاناً يلتصق مع الخان الآخر، إضافة لذلك وبعد رجوعنا إلى الإشارة الأولى يبرز لدينا أنه (أنشأ في عهد الوالي العثماني سليمان عام 1189هـ)، ويمكن أن يكون هذا الخان هو أول الخانات، وهكذا توالت الخانات في هذا المجمع على أن التعمير والترميم يطال الخانات السابقة عندما تستقر الفكرة على بناء خان جديد وهذا البناء يُقرر نتيجة لزيادة في عدد الزائرين.

خان الحماد عند الرحالة والسياح:

1ـ الرحالة (جون بيترز) الذي زار النجف سنة (1308هـ ـ 1890م) وهو أستاذ أمريكي ورئيس لبعثة بنسلفانيا لتنقيب عن الآثار القديمة، فقد نزل في خان النص عندما كان ذاهباً إلى كربلاء، (وصلت قافلة (بيترز) إلى خان الحماد عند الظهر وكان عبارة عن خمسة خانات في خان كبير واحد وعندما نزل فيه ليستريح وجد رجلاً من أهالي النجف يصطحب عدداً من الزوار الإيرانيين معه)(28).

2ـ  (الليدي دراور) والتي تنقل في خواطرها، (وقفت بنا السيارة عند خان الحماد، وهو منتصف الطريق تماماً، إنه قرية ذات أسوار عالية وفيها بيوت ودكاكين وإسطبلات وأجنحة خاصة بالزوار وهؤلاء يخشون أبناء العشائر كثيراً ولعل هذه الملاجئ المحصنة خير دريئة تقيهم أخطار مكان منعزل كهذا الطريق)(29).

3ـ مبعوث من قبل موقع انترنت عراقي في الدنمارك حيث يقول: (بني الخان على شكل مجموعة من الإيوانات يقيم فيها المسافرون الزوار وخاصة القادمون من إيران لزيارة العتبات المقدسة، وحفاظاً على أرواح وممتلكات الزوار بني الخان بشكل مغلق، تخلصاً من قطاع الطرق واللصوص، ويتم الدخول إلى الخان من الباب الرئيسي، ولقد بُني بطراز عثماني استخدم في تقييده الطابوق الفرشي، وهناك ملاحق خاصة للخيول ولتكديس أمتعة المسافرين)(30).

رحلتنا إلى خان الحماد:

في يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي القعدة سنة 1426هـ المصادف 30/12/ 2005م، كانت زيارتنا لخان النص حيث اصطحبنا الحاج حسين هاشم روضان من أهالي منطقة خان الحماد (ناحية الحيدرية) المتعهد بحماية الخان العائد إلى مديرية آثار محافظة النجف، وكان خير عون لنا في تعريفنا ببعض معالم الخانات.

المدخل المؤدي إلى مجمع الخانات الخمسة هو عبارة عن فتحة بعرض متر ونصف وبارتفاع مترين، ويقع من الجهة الخلفية للخان، تظهر بوابة حديدية كبيرة ذات بابين يقول الحاج حسين: إن أحد هذين البابين قد سرق!.

عموماً وأنت تدخل الخان تطالعك باحة دائرية مسقوفة ومعقودة على هيئة قبة مسطحة، كما تلاحظ ممراً مسقفاً ممتداً على الجانبين، كما تتوزع على جهتيه الأواوين المقوسة العالية وعندما سألنا عن عدم وجود (سلم) لارتقاء الإيوان أجابنا أن هذه الأواوين مخصصة لتكديس أعلاف الحيوانات وبعض أمتعة الزائرين الثقيلة، دخلنا إلى ساحة الخان الأول والتي تحيط بها الأواوين عدا الجانب المقابل للداخل من المدخل الرئيس حيث يخلو من الأواوين، ويمكن القول إن درجة العمران في هذا الخان ضعيفة حيث تظهر عليه ملامح التآكل والانهيار، ويبلغ عدد الأواوين المقوسة المطلة على ساحة الخان حوالي ثلاثين إيواناً، كما تبدو الجهة اليسرى من الخان وهي تحتوي على نوعين من الأواوين منها ما هو مطل على ساحة الخان، وباتجاه المعاكس تمتد فيها الأواوين ضمن رواق ممتد على طول الجهة وعند بدايته يرتبط مع ساباط يحتوي على مجموعة من المحلات التي كانت تقدم خدماتها للزائرين، كما يربط هذا الساباط مع مدخل الخان الثاني، دخلنا إلى الخان الثاني فوجدناه آيلاً إلى السقوط، وقد أخبرنا مرافقنا أنه الأقدم بين الخانات.

والسور الشرقي الذي يجمع الخانات متكون من الجانبين الشرقيين للخانين الأول والثاني معاً، تتوسط الخان آثار وأطلال وأكوام من الطابوق والحجارة، كما يوجد في وسطه آثاراً لبئر، أيضاً تطل مجموعة من الأواوين على ساحة الخان فمن جهة الشرق نلاحظ ثمانية عشر إيواناً، يفصل بينها إيوان كبير مزين من الجهتين بجدار مقوس، وتوجد على الجهتين سلالم تفضي إلى سطح الخان.

أما الجهة الجنوبية للخان فتظهر أواوين غير نظامية تبدأ بإيوان كبير ذي واجهة تقدر بخمسة أمتار ثم تنتهي بإيوان صغير بواجهة تقدر بمترين فقط، كما تقع خلف الأواوين المطلة على الساحة أواوين ضمن رواق معقود بالآجر على هيئة قباب، أما من الجهة الشمالية فتوجد خمسة أواوين وهي تقع على وجهين وجه مفتوح على الساحة والآخر مسقوف، أما الجهة الغربية فتخلو من الأواوين عدا طاق كبير تظهر عليه جمالية فن البناء آنذاك، وهذا الطاق تعلوه حجرة مفتوحة الجوانب يعتقد أنها كانت تستخدم للمراقبة والآذان، أي: أنها بحكم المئذنة وقادنا هذا الطاق إلى الخان الثالث وهو أجمل الخانات وأحسنها حالاً وأحدثها بناءً حيث تحيط به الأواوين من جهاته الأربع كما يعاكسها أواوين تقع ضمن أروقة تحيط بالخان وتكون هذه الأروقة معقودة بالقباب المنتشرة والظاهرة في السطح، ويمكن الدخول إلى هذه الأروقة من خلال ممرات موجودة ضمن الأواوين المطلة على ساحة الخان الجديد (الثالث)، يتخلل الأواوين البالغ عددها عشرة أواوين في كل جانب إيوان مركزي كبير نسبياً، تتوسط ساحة الخان الثالث (الجديد) دكتان كبيرتان متقابلتان وهما على حالة الدكتين الموجودتين في خان المصلى، واللتين وصفناهما سابقاً، كما تظهر آثار للمحراب في إحدى هاتين الدكتين، كما يظهر على جانبي الدكتين مرتفعان ترابيان وعندما سألنا الحاج حسين عنهما قال: (إنهما مجموعتان من المرافق الصحية والتي كانت موجودة تحت الأرض ويتم النزول إليهما عن طريق سلالم، كما يظهر البئر ومعه السلالم المؤدية إليه ويقع بين الدكتين).

يرتبط أيضاً هذا الخان الثالث مع خان آخر عن طريق ساباط معقود بالآجر، والذي مررنا خلاله إلى الخان الرابع، وهو خان صغير بالنسبة إلى الخانات الأخرى، وأيضاً تحيط به الأواوين، أما درجة أعماره فمتوسطة، يتكون جانبه الشرقي المطل على الساحة من أربعة أواوين بطابقين طابق بارتفاع متر ونصف، ويعلوه إيوان آخر، أما جانبه الغربي فيحتوي على إيوانين كبيرين مركزيين، وإيوان في الزاوية اليمنى يؤدي إلى سلم يؤدي إلى سطح الخان (الرابع)، أما الإيوان الواقع في الزاوية اليسرى فيؤدي إلى الأروقة المسقفة والتي تربط كل خان مع الخان الذي يليه، أما وجهتي الخان الشمالية والجنوبية فتحوي كل منها سبعة أواوين، وفي وسط ساحة الخان هناك آثار لبئر قديم.

ومن خلال دهليز يقع في زاوية الخان الشمالية الغربية اجتزنا نحو الخان الخامس والأخير، ويقع هذا الخان في الجزء الشمالي الغربي من مجمع الخانات الخمسة حيث يطل سوره الغربي على ساحة خارجية تقع بجنب طريق النجف ـ كربلاء، أما سوره الشمالي فيقابل أسواقاً وبيوتاً ضمن ناحية الحيدرية، يمكن اعتبار درجة البناء في هذا الخان متوسطة حيث تحيط به الأواوين من جهاته الأربع ففي الجانب الغربي تظهر ثمانية أواوين يتوسطها إيوان كبير مركزي وتنتهي زوايا الجانب الغربي بمداخل (سوابيط) تطل على الأروقة الداخلية المحاطة بالأواوين والمسقفة بالآجر، أما جهات الخان الأخرى فيبلغ عدد الأواوين المنتشرة على طولها ثلاثون إيواناً، وكما هو الحال مع بقية الخانات نلاحظ توسط دكتين كبيرتين في وسط الساحة إضافة لوجود بئر يؤدي إليه سلم من جهة إحدى الدكتين، ويمكن الاجتياز من الخان الأول إلى الخان الخامس عن طريق ساباط مسقوف تعلوه حجرة مشيدة بالطابوق، وتكون جوانبه الأربع على هيئة أقواس معقودة أيضاً بالطابوق ومفتوحة بحيث يمكن الدخول إلى الحجرة من خلالها، وتكون بأبعاد (5) أمتار عرضاً و(6) أمتار طولاً و(5) أمتار ارتفاعاً، وعند دخولنا إليها من الجهة الغربية لاحظنا سلم معقود يفضي إلى سطح الحجرة، بواقع ثمان درجات منها درجتان مهدمتان، وهذه الحجرة كانت تستخدم للآذان والتنبيه لأمر يهم الزائرين.

أما السور الخارجي فيحيط بمجمع الخانات الخمس وينتهي كل جانب من جوانبه الأربعة بمكمن قوسي يستعمل للإنذار والحماية، يبلغ ارتفاع السور الخارجي حوالي عشرة أمتار. كما تنتشر بعض المقابر عند السور الغربي للخان ومنها قبران تعلوهما قبتان خضراويتان، وعرفنا من الحاج حسين أنهما لسيدين آثرا الدفن بين كربلاء والنجف، حتى يحصلا على فضل الدفن في حمى المرتضى(ع) وكنف الشهيد بكربلا(ع).

خان النخيلة:

لم يحدثنا أحد عن سبب إطلاق تسمية النخيلة على هذا الخان فالنخيلة قديماً هو اسم معسكر أمير المؤمنين(ع) ويقع على مشارف الكوفة، في ناحية الكفل على التعيين، وكثيراً ما نقرأ في كتب التاريخ ونزل بالنخيلة و… وعسكر بالنخيلة.

ويمكن القول أن المنطقة التي يقع فيها هذا الخان هي بالقرب من البساتين الموصلة بين النجف وكربلاء كما يقع بالقرب منها فرع من نهر الفرات.

يطلق على خان النخيلة اسم خان الربع بالنسبة لأهالي كربلاء حيث أن موقعه يمثل ربع المسافة المقطوعة من كربلاء إلى النجف، (حيث يبعد خان النخيلة عن كربلاء واحد وعشرين كيلومتراً)(31).

في التقرير العسكري الذي أعدته رئاسة الأركان البريطانية العامة في سنة (1329هـ ـ 1911م) يذكر (…فهناك خان النخيلة الذي يتألف من ثلاث خانات وستة مقاهي وآبار عذبة للماء وعدد من الاكواخ البسيطة من دون أن تكون فيه بيوت…)(32).

أما عن الشخص الذي تبرع ببنائه فلدينا رأيان:

الرأي الأول: (شيد خان النخيلة أحد الهنود)(33).

الرأي الثاني: (خان النخيلة ويسمى خان الربع بنسبة القادم من كربلاء، وقد بنته أسرة آل شمسة النجفية وتولت الأشراف عليه وترميمه وقد تعرض الآن للهدم)(34).

يبدو أن الخانات الثلاثة قد تأسست في فترات متفاوتة ولعل أحد الهنود بنى خاناً ثم بني بجانبه حصن أخر وينقل الشيخ جعفر محبوبة في ذكر أسرة آل شمسة: (…ولهم من الآثار الخيرية الباقية الخان المشهور بـ(خان آل شمسة) في طريق الحسين(ع) بين النجف وكربلاء، وهو آخر الخانات ومنه تدخل إلى كربلاء، وكان معرساً للزائرين ومقراً للمسافرين حيث عمره الحاج حسن ابن الشيخ محمد وقد هجر اليوم لانقطاع المارة عنه لوفرة السيارات وعدم الحاجة إليه)(35) وبناء على هذا النص، يمكن التعويل على أحد أمرين:

1ـ أن يكون البناء لهذا الخان من قبل أسرة آل شمسة عموماً آنذاك وقد اهتم بتعميره الحاج حسن شمسة.

2ـ أن يكون الحاج حسن شمسة هو المشيد الحقيقي للخان وهذا ما ذكره عباس الدجيلي في ذكر شجرة آل شمسة حيث قال حسن بن محمد آل شمسة، وقد شيد خان النخيلة(36).

وقد زودنا قسم الوثائق في مكتبة الإمام أمير المؤمنين(ع) العامة في النجف الأشرف بوثيقة خطية يتعهد فيها كل من المدعوين خليل بن إبراهيم وخضير بن كاظم بنقل طابوق (لبن) إلى خان النخيلة وكان الطابوق المجهز على نوعين أبو قالبين بواقع ثمانية آلاف طابوقة وماطلي بواقع عشرين ألف طابوقة وهذه الوثيقة قد أعدت بتاريخ 26/صفر/ 1320هـ كما توجد مثلها لشخصين آخرين يتعهدان فيها بتجهيز ستين ألف لبنة (طابوقة) وتاريخها 7/ ربيع أول/ 1320هـ أيضاً. ووجدنا وثيقة أخرى يتعهد فيه ثلاث أشخاص على نقل ألف حمل من الحطب إلى الخان (خان آل أبو شمسة) وهي مؤرخة في غرة صفر سنة (1314هـ).

والمتعهدين في هذه الوثائق كلها يحررون هذه المكاتبات إلى الحاج باقر شمسة وهو ابن الحاج حسن، مشيد الخان، وهذا يدل على استمرارية العمل في بناء وصيانة الخان حتى بعد وفاة الحاج حسن أي في عهد ولده الحاج باقر شمسة.

الرحلة نحو خان النخيلة:

كانت رحلتنا إلى خان النخيلة، مكملة لرحلة خان النص، ففي اليوم نفسه وبعد أن أكملنا التجوال في الخانات الخمس (مجمع خان الحماد) سارت بنا السيارة نحو خان النخيلة الذي أوصلنا إليه طريق ترابي يتفرع من طريق النجف ـ كربلاء الرئيسي، تبدو عمارته مشابهة لعمارة خان المصلى وكذلك البوابة الرئيسة للخان تقع في منتصف السور الشرقي له والذي يطل على الأراضي الزراعية والصحراء، ولم نشاهد محلات أثرية كالموجودة في مقدمة سور خان المصلى.

كما شاهدنا قطع حديدية متناثرة بالباب الرئيسية طولاً وعرضاً وكأنها تحذر من الدخول إلى الخان. تقع البوابة في منتصف السور الشرقي للخان وتبدو عليها الآثار الجميلة للعمارة الإسلامية من زخرفة بالطابوق ومن لمسات فنية تضفي عليها قيمة عمرانية مرموقة حيث يتمركز المدخل في الوسط، ويقع ضمن طاق مقوس معقود والى جانبه إيوانين مقوسين، وتعلو المدخل حجرة جميلة المنظر لا تزال قائمة بالرغم من كون هذا الخان قد تعرض إلى تفجير، ففي عام (1993م) وبينما كان الجيش يكدس أسلحته في الخان باعتباره مستودعاً أميناً وقريباً من ثكنته التي عسكر فيها، حدث انفجار في أكداس السلاح والذي أخذ معه الكثير من معالم الخان ولازالت آثار الأسلحة المدمرة وبقاياها تنتشر في أرضية الخان.

وما أن دخلنا إلى ساحة الخان حتى لاحظنا التشابه الكبير بينه وبين الخانات الأخر، وهو خان واحد فقط، كما لاحظنا آثار الترميم قائمه، ويمكن القول أن الجهة الغربية من الخان بحالة جيدة جداً، فقد طالت يد الإعمار في منتصف التسعينات الخان باعتباره معلماً أثرياً، ويبلغ عدد الأواوين في الجهة الغربية أربعة عشر إيواناً يتخللها إيوان كبير، وتظهر عليه آثار التعمير بصورة جلية ولا يخلو من اللمسات الفنية.

أما الجهتين الشمالية والجنوبية فلم نستطع إحصاء الأواوين المطلة على ساحة الخان فيها، لأن أغلبها متأثر، أما الجهة الشرقية فيظهر فيها اثنا عشر إيواناً ويتوسطها المدخل الرئيس للخان وعلى جانبيه توجد سلالم تؤدي إلى الحجرة العليا والسطح، ويتوسط الخان حوض من الاسمنت، وينزل إليه بواسطة سلم، والظاهر أنه بني مؤخراً لغرض توفير الماء اللازم للبناء. تحيط بالخان رواق معقودة بالآجر على هيئة قباب وتتخلله أواوين مقوسة، منها ما هو معد لراحة الزائرين، ومنها ما هو مخصص لأمتعتهم ودوابهم.

وفي الوقت الذي نختتم فيه رحلتنا إلى الخانات فلابد أن نحثّ كل من مديرية آثار محافظتي النجف وكربلاء على بذل الجهود الحثيثة لإحياء هذه المعالم، والتي ضمت الكثير من تاريخنا، فضلاً عن كونها مناطق تهم السيّاح والزائرين.

المصادر:
(1) الأرجان، مدينة من بلاد فارس.
(2) كامل الزيارات، ابن قولويه، ص243.
(3) ما بعد كربلاء، قانصو، ص88.
(4) دائرة المعارف الشيعية، الأعلمي، 9/49.
(5) لسان العرب، 13/146.
(6) كامل الزيارات، ابن قولويه، ص253.
(7) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص61ـ62.
(8) الفرات الأوسط، الواموسيل، ص63.
(9) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص61ـ62.
(10) في بلاد الرافدين، ليدي دراور، ص81.
(11) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص308.
(12) ثورة النجف، الأسدي، ص48.
(13) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، هامش ص61.
(14) في بلاد الرافدين، صور وخواطر، ليدي دراور، هامش (6) ص82.
(15) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص309.
(16) ثورة النجف، الأسدي، ص47.
(17) سحر بابل وسجع البلابل، الحلي، ص313ـ315.
(18) الفرات الأوسط، الواموسيل، ص63.
(19) وثيقة تسجيل (قرار التسوية) ملحق، خان المُصلى لوحة تاريخية في العهد العثماني الحديث، الحكيم.
(20) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، ص61ـ62.
(21) موقع على الإنترنت (www.Irker.dk).
(22) أعيان الشيعة، 48، 62.
(23) النجف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص309.
(24) أعيان الشيعة، 48/141.
(25) خان المصلى لوحة تاريخية في العهد العثماني الأخير، الحكيم، ص2.
(26) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص62.
(27) كربلاء في المراجع موسوعة العتبات، الخياط، 1/305.
(28) معارف الرجال، حرز الدين، 3/152.
(29) في بلاد الرافدين، صور وخواطر، ليدي دراور، ص81ـ82.
(30) موقع على الانترنت (www.Ir(ع)ker.dk).
(31) النجف الأشرف مدينة العلم والعمران، الطريحي، ص62.
(32) المصدر السابق.
(33) المصدر السابق.
(34) خان المصلى، لوحة تاريخية من العهد العثماني الأخير، الحكيم، ص2.
(35) ماضي النجف وحاضرها، محبوبة، 1/273.
(36) الدرر البهية في أنساب قبائل النجف العربية، الدجيلي، 1/56.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *