الجمعة , 19 أبريل 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » جفاف نهر الحميدية

جفاف نهر الحميدية

سنة 1308هـ ـ 1890م.. مجموعة وقائع.

 

جفاف نهر الحميدية:

في هذه السنة جف نهر الحميدية (نهر عبد الغني) الذي ترتوي منه مدينة النجف، وبقي الناس يقاسون شدة العطش مدة لا تقل عن ثلاث سنين، وكان القائمقام يومئذ خير الله أفندي، فعرض الحالة على والي بغداد الحاج حسن باشا، فراجع الباب العالي في الأستانة، فصدر أمر السلطان عبد الحميد بحفر جدول جديد يحاذي النهر الأول من أبو صخير إلى النجف، وتم حفره سنة 1310هـ، كما سيأتي في أحداث هذه السنة.

خبير آثار يزور النجف:

وفي هذه السنة 1890م ـ 1308هـ ورد النجف الأستاذ الأمريكي جون بيترز، رئيس بعثة بنسلفانيا الأمريكية للتنقيب عن الآثار القديمة في (نفّر) منطقة عفك (عفج) من طريق السماوة سالكاً طريق الفرات النهري في طرادة سارت بهم في نهر العطشان إلى الشنافية. ثم من هناك دخلوا بحر النجف، وبعد عشر ساعات مضى عليهم وصلوا إلى جزيرة (أم الرغلات) وفيها شاهدوا عدد من الزوارق كانت تقل الكثير من الزوار الإيرانيين الذين نزلوا للمبيت فيها، ثم أقلعوا منها قاصدين ساحل البحر المذكور، حيث كانت توجد مزرعة صديقه الحاج طرفة شيخ مشايخ عفك، ومن هناك دخلوا جدول المشرب، ثم بعد ساعات نزلوا في أبو صخير.

وحينما ركبوا الدواب متجهين إلى النجف، مروا في طريقهم بخرائب مدينتين كان اسم إحداهما (طعيريزات). ويعتقد بيترز أنها موقع الحيرة القديمة.

وقد أجهدوا أنفسهم في السير لئلا تسد أبواب النجف، حيث كان بيترز يعلم أن النجف تسد أبوابها عند الغروب، لكن المكاري طمأنهم مما يحذرون حيث كان المكاري يعرف ثلمة في سور البلد فيدخلهم منها، إلا أنهم دخلوا من باب البلد بوساطة صديقهم شاؤول الصراف الذي كان ينتظرهم عند الباب بأنه كان قد عرف بوصولهم إلى أبو صخير، ورجا قائمقام النجف فأخر سد الأبواب.

وقد تجول في البلدة وتمكن من تصوير مناظر عدة من بينها منظر الجامع الكبير نفسه ـ أي الصحن الشريف ـ.

كما كان في معيته شخصان أرمنيان يدعيان (آرتين) و(نوريان)، وقد استطاع خدامه العرب إدخالهما إلى داخل الصحن والحضرة المطهرة، أحدهما زائر إيراني والآخر بصفة تركي من استانبول، ثم قص عليه نوريان جميع ما شاهده في الداخل. إذ قال له: إنه أجبر على تقبيل السلسلة الكبيرة وجانبي الباب الكبير، هذا وكان يصحبهم عدد من الجنود، ويتقدمهم سيد بعمامة خضراء. ثم أخذ يصف ما رآه في الصحن والحضرة المطهرة، لكنه يقول: إنه كان على درجة متناهية من الاضطراب والخوف من افتضاح أمره، فلم يستطع ملاحظة جميع ما يريد أن يصفه، وقد عزم على الدخول في اليوم الثاني لولا أن رجلاً من تجار بغداد كان يعرفه فخشي من أن يشي به.

ويقول بيترز: إنه وجد النجف مدينة مزدهرة، يتراوح عدد نفوسها ما بين العشرين والثلاثين ألف نسمة. وقد ألفاها محاطة بسور متداع، مشرف على السقوط.

وكانت البيوت مثل السور، مبنية بالطابوق المستمد من خرائب الكوفة، ولذلك كانت الحمير تشاهد وهي تنقل هذا الطابوق يومياً من الكوفة إلى النجف، وكان ماء النجف أحسن ماء شربه في البلاد، وقد كان يؤتى به إليها بقناة تمر من تحت الأرض، على أنه يقول: إن طعم الماء المستقي من الآبار كان يغلب فيه طعم الكلس.

  تاريخ النجف الأشرف- ج 3/محمد حرز الدين

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.