الجمعة , 22 نوفمبر 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » تجديد شباك الضريح المطهر ووقائع أخرى

تجديد شباك الضريح المطهر ووقائع أخرى

سنة 1298ه-1880م…مجموعة وقائع.

تجديد شباك الضريح المطهر.

في هذه السنة جدد شباك قبر أمير المؤمنين عليه السلام, وجعل كهيئة المحاريب , وهو من آثار مشير السلطنة الشيرازي, من رجال ناصر الدين شاه القاجاري. وقد أرّخ الفراغ منه بعبارة “تم ضريح الأمير”.

وباء في النجف.

وفي هذه السنة انتشر الوباء في بغداد وامتد إلى النجف والهندية, ثم إلى إيران في أنحاء مراغة وازداد في العراق وهو الوباء الصغير المؤرخ بقولهم : “مرغزان” .

قال السيد محمد بن السيد محمد مهدي القزويني المتوفى سنة 1335ه في رسالته ” طروس الإنشاء وسطور الإملاء” : لما كانت سنة 1298ه وقع طاعون في النجف وفرّ سكانها وهجروا الديار والأوطان, ولم يبق في البلد شريف ولا وضيع ولا دني ولا رفيع حتى العلماء الأعلام والأشراف الكرام, ولم يبق في البلد متاع ولا في الأسواق كفن يباع, وأبى الوالد العلاّمة أن يخرج منها وأمرني بالتصدي لنفع الفقراء وملاحظة موتاهم ودفنهم. وكان بعض الفارين في الحماد وبعضهم في الكوفة وآخرون في الجعارة ومنهم في الرحبة , وقد ضربوا الأخبية وأنس بعضهم ببعض ونحن داخل البلد في أعظم حال وتشويش بال,يفقد في اليوم مئة وخمسون أو أكثر. وكانت الرسائل ونحن في هذه الحال ترد إلينا,يسألني بها أولئك الفارون ويطلبون أن أخبرهم بتفصيل الحال في البلد وعمن طعن وعمن بقي, وأنا في شغل عظيم وهم جسيم, فساءني ذلك , وكتبت لهم نسخة واحدة كتاباً مصدّراً بأبيات, وهي هذه:

لا يبعد القوم الذين عن الحـــــــمى           اتخذوا لدى الجلى سواه بديلا

من فرّ يوم الزحف عنه فإننـــــــــــا           فيه اتّخذنا منزلاً ومقــــــــيلا

حتى إذا حمي الوطيس ولم نجـــد            إلا طعيناً في الحمى وجديـلا

لُذنا بمرقد من تطوف بجنبـــــــــــه            زمر الملائك بكرة وأصيـــــــلا

مستصرخين بقبر ذي البأس الذي            عند الصريخ يردُ عزرائيـــــــــلا

أتراه يندبه القصيّ فيكشــــــــــف             الكرب الجلي ولا يجير نزيـــلا

فسيؤمن المتخلفين وينـــــــــــتجد            المترحلين مخافة وذهــــــولا

ويكون إعلاناً لديــــــــــــــــــــه رتبة            من لم يفارق ربعه المأهـــولا

بسم الله. عظم الخطب النازل وجلّ الفادح الهائل واشتد أمر البلاد وفرّ السكان من العباد فلا رفيقك ولا صديقك ولا حميمك ولا جارك ولا أنيسك ولا كليدارك ولا جعفري ولا باقري ولا إيراواني ولا شوشتري , إلا واتخذ من الحمى الحيدري بديلا, وعن المغنى العلوي خان المصلى مقيلا, استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل.وما أنت بأول من أسلم عند اصطكاك الأسنّة وترادف الأعنّة, وما أنت إلا من غزيّة, وممن انطوى على تلك النية , اللهم ارزقنا صبر الشاكرين لك وعمل الخائفين منك , واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان , وأفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين.

فكتب لي فريد الزمان وأديب العصر والأوان العالم اللبيب والأخ الحبيب الشيخ محسن نجل الشيخ محمد آل الشيخ خضر كتاباً صدّره بهذه الأبيات:

سقياً لأكناف الغري فإنهــــــــــــــا            نعم المقيل لمن أراد مقيـــلا

وأنا الفداء لحضرة القدس الــــــتي           عكف الوصي بها فعادت غيلا

حامي النزيل ولست أعرف منــزلا           أحمى وأمنع من حماه نزيـــلا

وبنفسي الحي المقيم ببابـــــــــه            إذ كان ظلا للإله ظليـــــــــــلا

الثابتين وقد تزايل غيرهـــــــــــــم             فهم الجبال الشم جيلا جيــلا

ثبتوا كما ثبت الألى من قبلهـــــــم           كرماً فساجلت الفروع أصـــولا

وفي هذا الوباء يقول السيد إبراهيم بحر العلوم المتوفى سنة 1319ه من قصيدة له يندب فيها أمير المؤمنين عليه السلام , وفيها تصوير لحالة الناس في تلك الأيام:

أبا السبطين أنت لها مجــــير           إذا ما حادث الأيام جــــــــــــارا

بقرب حماك قد أنزلت رحـلي            وإنك أمنع الثقلين جــــــــــــارا

لقد حلّ الوباء بنا وأضحــــــى           يشنّ على بنيك له غـــــــــوارا

عجبت لمن تطول له حيــــاة            ويشكو فيه آجالاً قصـــــــــــارا

فكم من ذي حجىً ناءٍ حجاه            به وموقّر هتك الوقــــــــــــــارا

فما للناس قد دهيت بهـــــوْلٍ           كأن الناس من دهش سكــــارا

أتيح لنا بداهيةٍ نـــــــــــــــــآد           تضرّم منه في الآفاق نــــــــارا

خلعت به عذار الصبر طوعــــاً           ومعذور فتى خلع الـــــــــعذارا

تصوغ له الوساوس مقذيـــات           فتسلب جفنه النوم الغـــــــرارا

يكاد الوهم يورثه جنونـــــــــاً           إذا ما الليل قد غشي الــــــنهارا

أملجأ الخائفين إذا استشاطت         صروف الدهر مضـــــــــرمة أوارا

وغوث الصارخين إذا استغاثت        بظل حماك مُعْولة جهــــــــــــــارا

أترضى أننا ولـــــــــــــنا جوارٌ        بقبرك أن تخوض له غمـــــــــــــارا

وحاشا إن تغض الطرف عمّن          تعوّد أن تقيل له عثـــــــــــــــــارا

ألست المستطيل بذي فــقار          متى جردته فَصَلَ الفقــــــــــــــارا

فَقُمْ وانحر بحد السيف سرح الـ          ــمنايا اسود وادم له غـــــــــرارا

ورَوِّ اللدنة السمرا بطــــــــــعنٍ           يشقّ لدجن جحفلها غبـــــــــارا

صبرت لكل معضلة ولكــــــــــن            وصبرك لستُ فيه أرى اصطبارا

 تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.