باب ثالث في الجنوب الغربي لمدينة النجف في السور السادس
سنة 1288هـ ـ 1871م…..
في هذه السنة تم إجراء ماء الفرات إلى النجف الأشرف بسعي السيد أسد الله بن السيد محمد باقر الموسوي الرشتي. فإن السيد بعدما زار النجف ورجع إلى بلاده إيران عزم على إتمام ما شرع به الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وإيصال ماء الفرات إلى النجف، واستحصل على المال من ثلث تركة السردار محمد إسماعيل خان النوري وكيل الملك، وقيل من ثلث إسماعيل خان والي كرمان، وهو ثلاثون ألف تومان، وأرسل المهندسين وشرعوا في العمل سنة 1282هـ، وتم في هذه السنة. وقد حفرت آبار بين المكان الذي وصل إليه الماء في عهد صاحب الجواهر وبين النجف في وسط النهر الذي كان قد حفره صاحب الجواهر، من قبل النجف المسوّرة إلى جهة المغرب، وذلك لأن حفر النهر إلى عمق بجري فيه الماء غير متيسر ولا ممكن، وكان العزم عليه في زمن صاحب الجواهر غير مبني على فن وهندسة. وبعد حفر هذه الآبار وصل بينهما بقناة تحت الأرض، ثم ظهر أن تلك الآبار كان عمقها زائداً عن اللازم فاحتاجوا إلى طمّ الزائد، وأجري الماء في تلك القناة وجعل يصب في المكان المنخفض غربي النجف، وعملت عليه طاحونة أرصد ريعها لإصلاح القناة هناك بركة يستقي منها السقَّاؤن، وبقيت الناس تنتفع بهذا المشروع حتى سنة 1307هـ وذلك نحو 19سنة.
وأرخ الشعراء ذلك، فقال الشيخ محمد بن الشيخ كاظم الجزائري النجفي مادحاً المرحوم السردار محمد إسماعيل خان النوري وكيل الملك من قصيدة مطلعها:
لوكيل الملك أيــــــــــــدٍ طوقتنا بالهبــــــــــــــات
قد سرت في الناس أمثا ل النجوم السائــــــــرات
وجرت كالبــــــــــــحر إلاّ أنها عذب فـــــــــــــرات
فهو بالشكر حقــــــــيق في الملا والخلـــــــوات
ويقول في آخرها مؤرخاً:
شربوا المـــــــــاء زلالاً بعد شرب الآجنــات
فاشرب المـــــــاء وأرّخ اشرب الماء الفرات
وتقدم في (أنهار وقنوات النجف) في الجزء الأول من كتابنا الكلام عن هذا الكري.
باب جديد في هذه السنة باب ثالث في الجنوب الغربي لمدينة النجف في السور السادس والأخير الذي أشاد الصدر الأعظم سنة 1266هـ، وقد تم على نفقة التاجر الموفق الحاج عبد السميع، وذلك بعد حدوث قناة السيد أسد الله التي شقها لري ساكني النجف. وكان فتح هذا الباب قريباً من رأس القناة المؤدية إلى بحر النجف، وعرف هذا الباب قديماً بباب السقائين تارة (وباش تابيه) تارةً أخرى، واشتهرت عند السواد في عصرنا بـ(باب اشتابيه). وكان فتح هذه الباب في عهد السلطان عبد العزيز العثماني، وأرخت بقولهم: (باب ماء الغري) لسنة 1288.وقد تقدم في سنة 1254هـ أن الحاج عبد السميع الأصفهاني هذا عمّر القطعة المنهدمة من السور، الواقعة في الجانب الغربي والمعروفة بالثلمة، وأخرج منها باباً للإستسقاء من ماء بحر النجف.
وللشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن علي بن نجم السعدي الشهير بقفطان المتوفى سنة 1293هـ قصيدة شعرية لماّ فتح هذا الباب يمدح فيها الوالي مدحت باشا والسيد محمد تقي بحر العلوم:
باب خير فتـحوه رحمـــــــــة لسقاة لقلوب ظاميــــــــــــــات
إذ جرى الماء لهم في جدول كان من آيات ربّ المعجــــــزات
سيّرته نحوه خـــــــــــــيريّة خير سادات وخير البشــــــوات
أحمد مدحت باشا من سرى فضله فينا مسير النيّـــــــــرات
إذ سعى أيده الله بـــــــــــه عند سلطان رحيب العرصـــــات
هو ذا عبد العزيز المعتلـــي من متون الفخر أعلى الصهوات
وله أبواب خير شاهــــــدات بعضها باب إلى نهر الفـــــــرات
قام في الفتح لها عن إذنــه أسد الله ربيب المكــــــــرمــات
والتقي ابن الرضا ساعــــده فله بيض الأيادي الواضحــــــات
إلى أن قال في التاريخ:
قلت لما فتحوه أرّخـــــــــوا (إنه سمّيته باب الفــــــــــــــــرات)
تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين
2013-03-02