طالب البلاغي
( 1283 – هـ)
( 1866 – م)
سيرة الشاعر:
طالب بن عباس بن إبراهيم البلاغي الربعي.
ولد في مدينة النجف (جنوبي العراق)، وفيها دفن.
درس على بعض العلماء وتفوق على زملائه وظهرت قدرته على النظم حتى أصبح ناديه ملتقى الأدباء من مشاهير النجف في عصره، فتألف منهم ما سمي بالندوة
«البلاغية».
كان قليل الصبر عند الفاقة، فكان يؤثر الرحيل إلى رساتيق بغداد.
جمع إبراهيم صادق العاملي ما قيل في الندوة البلاغية من مطارحات ومسابقات شعرية ومعارضات لموشحة صالح القزويني البغدادي التي نظمها في مدح المترجم
له، فتجمع لديه وصفٌ لوقائع الندوة ووثائق لأدب الإخوانيات.
الإنتاج الشعري:
– أثبت له كتاب «شعراء الغري» عددًا من القصائد.
التهاني والمراثي والإخوانيات والعتاب محور أساس فيما بقي من شعر المترجم له. التقليد فيه أظهر من الابتكار في الوزن والقافية كما في بناء القصيدة، وفي الألفاظ والعبارات الجاهزة (المأثورة) التي تأتي على طريق التضمين.
نموذج من شعره:
علامَ الهجر
سعـدُ بـلِّغ جـيرتـي مـنّي السلامـــــــــا
واشـتـيـاقًا وولـوعًا وهُيـامــــــــــــا
قـلْ لهـمْ يـا سعـدُ هل مـــــــــــن زَوْرةٍ
تشفِ مـن مُضْنَى الـحشـا يـومًا أُوامــــــا؟
وابْلِغَنْ صـالـحَ أَنـي عبــــــــــــــــدهُ
وغرامـي فـيـه قـد كـان لِزَامـــــــــــا
يـا أبـا الـمهديِّ يــــــــــا حِلْفَ النَّدى
وربـيبَ الـمـجـد مُذْ كـانَ غُلامــــــــــا
رامَ إدراكَكَ فـي الجــــــــــــــودِ كِرامٌ
ولَعَمْري أنـتَ أتعبتَ الكرامــــــــــــــا
فهُمُ يـومَ الندى كـانـــــــــــــوا وراءً
ولهـمْ كـنـتَ أخَا العَلْيـا إمـامـــــــــا
كـنـتَ تأتـيـنـي وتَشْفـي عِلَّتــــــــــــي
فعـلامَ الهجـرُ مـولايَ عـلامــــــــــــا
وابْلِغَنْ أحـمدَ مِصـبــــــــــــــاحَ الهُدى
وإمـامًا فـي ذُرا العَلـيـا أقـامــــــــا
أننـي مُضْنًى إلى رؤيـــــــــــــــــــتهِ
فإلامَ الهجـرُ مـنه فإلامــــــــــــــا؟
واخْبِرِ الـمـولى ابنَ يحْيَى أننـــــــــــي
فـيـه قـد أصـبحت صَبّاً مُسْتَهـامــــــــــا
نـام إبراهـيـمُ عـنـي لاهـــــــــــــيًا
وأنـا مذ بـانَ مـا ذُقْت الـمـنـامـــــــا
فعَسـى يذكرُ عـيشًا قــــــــــــــــد مَضَى
فـي رُبَا الشـامِ سقى الغـيثُ الشآمـــــــا
حـبَّذا فـي عـامــــــــــــــــلٍ عصْرٌ مَضَى
حـبذا فـي عـامـلٍ نشـرُ الخُزَامــــــــــى
إنْ تذكَّرْتُ بـهـــــــــــــــــا عصرًا مضى
يذهـب القـلـبُ اشـتـيـاقًا وغَرامــــــــا
مدمعـي يَهْمـي عـلى كرِّ الـــــــــــــمدى
إنْ تذكّرتُ بـهـا صحـبًا كِرامـــــــــــــا
إنْ يكـــــــــــــــــــنْ هَجْرِيَ مِنْ رأْ
فأْذنـوا يـومًا لجَفْنـي أن يـنـامــــــــا
واقْرِئوا قـلـبـي الـذي فـي ربعكــــــــم
واقـرِئوا أنفُسَكـم مـنـي السّلامـــــــــا
هو الدهر
في رثاء حسن الخرسان
فـي رثـاء حسن الخرســــــــــــــــــان
هـو الـدهـرُ فـي الأمـجـادِ تَتْرَى مـصـائبُهْ
وكـم ظهـرتْ بـيـن الـبرايـا عَجـــــائبُهْ!
ومـن ظنَّ أنّ الـدهـرَ يصـبحُ غالـــــــــبًا
أَحَالَ وأنّ الـدهـرَ لا شكَّ غالـــــــــــبُه
فلا تَعْتِبَنْ يـومًا عـلى الـدهــــــــرِ إنه
خَؤونٌ ولا يُصْغــــــــــــي إلى مَنْ يُعَاتبُه
هـو الـدهـرُ كـم قـد شَنَّ فـي النـاس غارةً!
وكـم ظهـرت فـيـهـمْ لعـمـري غرائبـــــه!
وكـم غالَهـم مــــــــــــن صَرْفِه بِطَوارقٍ!
لـوَ انَّ برضْوَى بعضَهـا انهدَّ جـانــــــــبُه
ومـا انفكّ فـي الأمـجـاد يرمـــــي بريبةٍ
وفـيـهـمْ مدى الأزمـان تَتْرَى كتــــــائبُه
وحسبُك مـنه أنْ دهـانـــــــــــا بفقْدِ مَنْ
سمتْ فـوقَ هـامِ النّيِّرَيْنِ مـنــــــــــاصِبُه
هـو الـحَسَنُ السـامـي الفَخــــــارِ ومَنْ له
أُقـيـمتْ عـلى الشِّعْرَى العبـورِ مضـــــاربُه
مُصـابٌ عـظيـمٌ قـد دهـانـا وطـــــــــارقٌ
جسـيـمٌ له الـمعـروفُ هُدَّتْ جَوانـــــــــبُه
فـيـا لعـلـيـمٍ شَطَّ عـنـا ونــــــــــازحٍ
بنـاتُ الـمعـالـي الغُرُّ ثَكْلَى نــــــوادبُه
ويـا لعـظيـمٍ أَوْرَثَ القـلــــــــــبَ جَذْوَةً
ويـا لكريـمٍ لـيس تُحْصَى مـواهــــــــــبُه
ويـا راحـلاً أورَى بقـلـــــــب العُلا أَسًى
رَحـلْتَ فعِيسـى لـيس تصـفـو مشــــــــاربُه
مضـيـتَ فقـلـبُ الـديـن بعـدَك فـــــي شَجًا
ودمعُ الـتُّقَى لا زال تَهْمِي ســـــــــواكبُه
لـتبْكِ عـلـيـه فـي اللـيـالـي مَسـاجــــدٌ
بـهـا دمعُه مـا انفكَّ يـــــــــنهلُّ سَاكبُه
ويبكِ عـلـيـه فـي الهجـيرِ صـيــــــــامُهُ
ويبكِ عـلـيـــــــــــــــه فَرْضُه ورَوَاتبُه
ويبكِ عـلـيـه العِلْمُ والـحِلْمُ والــــــتُّقَى
وتبكِ عـلـيـه فـي الـبرايـا مـنـــــاقبُه
وتبكِ عـلـيـه الــــــــوافدون إلى النَّدى
فكـم أضحكتْهُمْ قبـلَ هـــــــــــذا رغائبُه
مـنـاقبُ شَتَّى لسْتُ أُحْصِي أقـلَّهــــــــــــا
مدى الـدهـرِ أو يأتـي عـلى الـدهـرِ حـاسبُه
فـيـا أيـهـا النـاعـي أذبْتَ قـلـــــوبَنَا
وذا صـبرُنـا ضـاقت عـلـيـه مذاهـــــــبُه
نعَيْتَ عـلـيـمًا مـن ذؤابةِ هـــــــــــاشِمٍ
قَضَى فسَنـامُ الـمـجـدِ قــــــــد جُبَّ غارِبُه
من قصيدة: قضى الدهر
في رثاء محمد حسن صاحب الجواهر
عسَى زَمَنٌ بـالـمـنحَنَى ولعـــــــــــــلَّمَا
يعـودُ فـيَشفِي مـن غرامٍ متـيَّمـــــــــــا
لعـلَّ الهـنـا يـومًا أراهُ ولـيـتَمـــــــا
وهل نـافعٌ قـولـي: لعـلَّ ولـيـتَمــــــــا
رعى الله لـيلاتـي بـمـنعـــــــرَجِ اللِّوى
فكـم بتّ فـيـهـا بـالسـرور مـنعَّمـــــــا
وحـيَّا الـحَيَا سَفْحَ العَقـيـــــــــق ورامَةً
فكـم أولَيَانـي سـالفَ الـدهـرِ أنعُمــــــا
قِفـا بـي عـلى ربعٍ لِعَلْوَةَ بـــــــــاللّوى
لنشْفِي فؤادًا بـالهُيـام تقَسَّمــــــــــــا
ألـم تعـلَمـا أَفْديكـمـا بِحُشـاشَتــــــــي
بأن الجـوى نحـوي ألـمَّ فألَّـمــــــــــا؟
فديـتُ الأُلى بـانـوا وجفـنـي لـبـيـنهــم
أبى أن يُرى يـومَ الرحـيلِ مهـوّمـــــــــا
هُمُ تـركـوا قـلـبـي غداةَ رحـيلِهــــــــمْ
عـلى إثْرهـم يسـري مـن الـوجْدِ مُغْرَمـــــا
يظنـون سُلـوانـي وقـد سـار ركبُهــــــــمْ
وإنـي أرى السُّلْوانَ عـنهـمْ مُحَرَّمـــــــــا
إذا مـنعـونـي الـوصلَ مـنهـم فإننــــــي
رضـيـتُ بضـيفِ الطـيفِ يـومًا مُسَلِّمــــــــا
قضى الدهـرُ بـالـتفريـق بـيـنـي وبـيـنَهـمْ
وما انفكَّ هـذا الـدهـرُ بـالـبـيـن مُؤلـمـا
حذارًا مـن الـدهـر الخؤون وإنْ يكـــــــن
يُريك الهـنـا يـومًا ويُبـدي تبسُّمــــــــا
فإنْ يكُ آنًا قـد أراكَ مَســـــــــــــــرَّةً
فـمِنْ بعـدِه يَسْقـيكَ صـابًا وعـــــــــلقَمَا
وحسْبُك مـنه إن دهـانـا بطــــــــــــارقٍ
عـظيـمٍ له ركـنُ الـمعـالـي تَهَدَّمــــــــا
مـصـابٌ له خـيرُ النـبـيِّيـنَ أحـــــــــمدٍ
بكَى وغدا مـنه الـحشـا متألّـمــــــــــا