طالب بن أسد بن جعفر المعروف بشرع الإسلام
المعروف بـ(طالب شرع الإسلام)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف وتوفي فيها عام (1346هـ – 1927م)، عاش في العراق وإيران، نشأ في أسرة عرفت بالعلم، فعكف على دراسة المقدمات، واختلف إلى حلقات العلماء فتلقى عنهم الفقه والأصول.
كان فقيرًا مجهدًا، فتكرر سفره إلى جهات من إيران، ومناطق من العراق يرشد ويعظ، وبقي ملازمًا سلوكه هذا أكثر عمره، يصفه معاصروه بأنه كان قصير القامة، صغير العمة مليح الوجه.
الإنتاج الشعري:
أثبت له كتاب «شعراء الغري» عددًا من القصائد.
شعره المأثور القليل متنوع الموضوعات ما بين الحفاوة بصديق آب من السفر أو الحج، وشكوى ما يلاقي من الفاقة، ومديح آل البيت، والغزل، وإظهار الوحشة والتألم لاضطراره إلى السفر. عبارته سلسة، ومعانيه يسيرة، وشعره يصور مشاعره التلقائية.
نموذج من شعره:
أفدي غزالاً
لعلَّ خالقنا
خلته بدر السما
كربٌ وشدّة
اضطرار للسفر
قصيدة: أفدي غزالاً
أَفْدي غزالاً فاحَ منه العبيرْ *** ومُذْ بدا شعَّ كبدْرٍ منيرْ
لمابدا أودَى بقلبي لَظًى *** حَقَّقْتُه فكادَ عقلي يَطير
ومُذْ رَنا رَمَى بطرْفٍ كَسِير *** بأَسْهُمٍ ليس لها مِنْ نَظير
تشكُّ في الأكْبادِ من حَدِّها *** وتَقْتُل الشُّوسَ ولا مِنْ مُجير
فصِحْتُ يا ظَبْيَ النَّقَا راجيًا *** منه البَقَا إليك منّي خبير
فقال خَذْ حِذْرَكَ ما في البقا *** من نَظْرةٍ آنًا ولا من نَصير
أفديه معسولَ اللَّمَى أَشْنَبًا *** يَبْسِمُ عن دُرٍّ لطيفٍ نَضِير
قصيدة: لعلَّ خالقنا
أَتُرَى يعودُ لنا الزمانُ بما مَضَى *** في زُهْرِ أيامٍ وبِيضِ لَيالِ
ويعودُ رَبْعُ الأُنْسِ في أَرْبابِهِ *** مُتَقَمِّصًا ثوبَ الهنا بجَمال
وترى رئيسَ الدسْتِ مَعْ أحْبابه *** يبدو كنجمٍ زاهرٍ بكمال
وتؤوبُ زَمْجَرةُ الأُسُودِ بحزبها *** وخيولُها قَدْ تُوِّجَتْ بِرِجال
مُتَقلِّدين سُيوفَهمْ وعليهِمُ *** ثوبُ الفَخارِ مكلَّلاً بِنِصال
وإلى الوغَى يتقاصدون كأنّهمْ *** آسادُ رَضْوى دَمْدَمَتْ بجبال
وتراهُمُ لما تواصَوْا بينَهمْ *** بذلوا النفوسَ لحَوْمَةِ الآجال
فغدَوْا على حَرْبِ العدوِّ وجَنْدلوا *** بخَميسِه الفُرْسانَ للأبطال
يا حبَّذا هذا الطِّرادُ وأهْلُه *** لو لَمْ يكنْ قد آذنَوا برحال
فلعلَّ خالقَنا يؤوبُ بربْعِهمْ *** وإليه يرجعُ كلُّ جِسْمٍ بال
عرِّجْ على الرُّكْبانِ واسْألْ منهمُ *** هلاّ أتَوْا بالخيلِ والأجْمال
قصيدة: خلته بدر السما
أزْهرَ الدسْتُ بأربابِ الرُّتَبْ *** وبَدا لحنُ الأغاني والطَّرَبْ
وانْجَلَى من مُقْلَةِ الغِرِّ القَذَ *** واستقرَّتْ بعدَ ما فرَّ النَّصَب
وليالي الهَمِّ زُمَّتْ وانقضت *** وفشا نعتُ الهنا يُبْدي السبب
من غزالٍ ما تَبَدَّى أو بَدَا *** خِلْتَه بَدْرَ السَّما بين الشهُب
وأسيلُ الخدّ آهٍ لو تَرَى *** ماءَ خَدَّيهِ بنارٍ تلتَهِب
وجَوادٌ في النَّدَى وقْتَ الندى *** كغمامٍ هاطِلٍ عندَ العَطب
قصيدة: كربٌ وشدّة
سَنَةٌ جارت علينا بالنَّصَبْ *** ليس من كسْبٍ بها إلا التعبْ
ما رأينا مِنْ ندىً فيها ولا *** سائلٍ فيها يَرَى إلا السَّغَب
وهُمومٍ أنْحَلتْ أبدانَنا *** ورزايا جالباتٍ لِلْكُرَب
وعيونٍ هاطلاتٍ من بُكًا *** تَسْكُبُ الدمعَ كأفواهِ القِرَب
وملوكٍ هربتْ نَحْوَ الفَلا *** عُزِلَتْ من منصبٍ سامي الرُّتَب
وبيوتٍ أحرقوها سَفَهًا *** وظُعونٍ نُهِبَتْ بين الضَّرَب
وديارٍ أتْلفوها أَسَفًا *** مثلُ هذا مُظهِرٌ كلَّ العَجَ
فبَقِينا لا نَرى أمْنًا ولا *** مسْتَقَرّاً ساكنًا منه الرَّهَب
بَلْ جرى هذا على كلِّ الوَرَى *** وجرى أسفلَه عالي الطُّنُب
فَقُلِ الآنَ لمن يبغِي النَّدى *** ويرومُ الأمْنَ من مولى العَرَب
يقصِدُ المولى الكريمَ المنْتَخَبْ *** صاحبَ المجدِ العظيمِ المنتَجَب
وأبو الفخر وصِهْرُ المصطفى *** ذلك الكرّارُ سامٍ في اللقب
كم له معجزةٌ قدْ ظهرت *** ومزايا بَيِّناتٍ كالشُّهُب
قصيدة: اضطرار للسفر
إن ارتحالي للسفرْ *** إذ ليس لي عنه مَفرْ
يا بئسَ نهجٍ للورى *** قد قيل جزءٌ من سقر
قد كنت أرجو دائمًا *** أحظى بأوقات الحضر
ما كلُّ ما يرجو الفتى *** من مقصدٍ أو مستقر
يدنو إليه عاجلاً *** وإن احتوى خيرًا وشرّ
هذا مرامي فاسمعنْ *** مني القضايا والخبر
إن الوصول إلى المنى *** صعبُ التناول والظفر
لك بُحت يا خِلَّ الورى *** أمرًا بديهيَّ الأثر
لكن فكن مستبصرًا *** إن كنت من أهل النظر
وعنِ الزمان فجانبَنْ *** واتركْه فالحَذْرَ الحذر
أوَ ما سمعتَ بغدره *** لذوي النهى أهل الفِكَ
من كيده أجلى لهم *** شِرْكًا تردّى بالغَرر
فرماهمُ بسهامه *** فقضى بهم فرضَ الوطر
المصادر:
علي الخاقاني: شعراء الغري (ج 4) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
2015-03-26