عبد الحسين بن محمد بن درويش القرملّي
المعروف بـ(عبد الحسين القرملّي)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1304هـ – 1886م)، وتوفي في بلدة الحمزة الشرقي (1397هـ – 1976م).
قضى حياته في العراق.
درس مقدمات العلوم والفقه والأصول على علماء النجف، تردد على «الأحواز» وتعرف إلى كثير من رجاله، وكان راوية للقصص والنوادر.
عمل مرشدًا دينيًا في بلدة الحمزة الشرقي.
الإنتاج الشعري:
له قصائد وموشحات ومقطوعات في كتاب «شعراء الغري»، ونشرت له الصحف العراقية الكثير من قصائده، وله ديوان شعر كبير لم يطبع، قال عنه الفتلاوي: إنه وقع في عشرين ألف بيت.
الأعمال الأخرى:
له عدة آثار مخطوطة منها: نزق الشباب وذم العزوبة – السلسلة الزهدية في الوعظ والإرشاد.
في شعره تطلع إلى التنوع الموضوعي والموسيقي، فقد نظم في الوصف (وصف الطبيعة خاصة) وفي الغزل، والرثاء، وفي مداعبة الأصدقاء، وفي مراسلة الأصدقاء، فضلاً عن مديح آل البيت وهذا محور أساسي في شعره، ومن ناحية الشكل الموسيقي نظم القصيدة، والموشحة، والرباعيات، والقصيدة المدورة، واستخدم البحر تام التفاعيل في الشطر الأول (الصدر) ومجزوءًا في الشطر الثاني (العجز)، والقصيدة متعددة القوافي (من المزدوج).
نموذج من شعره:
نفسية الشاعر
من قصيدة: نفثة في الشتاء
قصيدة: نفسية الشاعر
هذه الذراتُ في الجوِّ تسيحْ *** أنا منها في شقاءٍ ونعيمْ
تارةً تذكرُ في النادي الفسيحْ *** وأراها تارةً نارَ الجحيم
أنا يا جوُّ تراني في هواكْ *** مجمعَ الضدِّ شقيّاً وسعيدْ
أتُراني فيك مُغرًى أو أراك *** مغرَمًا تبعثُ لي علمًا جديد
أرسلِ النظرةَ من وادي الأراك *** وعلى هامِ مصلاّهُ أصيد
كنت أستنشق قيصومًا وشِيحْ *** وبِرَيّا نَدِّهِ كنتُ أهيم
خبرُ العارفِ في الجوّ صحيح *** هي آياتٌ لقرآنٍ كريم
حادثاتُ الجوِّ تتلو الحادثاتْ *** وعليها نبأُ الكونِ يلوحْ
هي عندي من أجَلِّ الذكريات *** وهْي أنسَتْني غَبوقي والصَّبوح
وثَّقتْ تأريخَه عندي الثقات *** هكذا فاقتَبلَنْ قولَ النصوح
فقراتُ الكون تأريخٌ فصيح *** وعليها شهد العقل السليم
أنبأتْ أمَّتها القول الصريح *** كلما مرَّ بريّاها النسيم
رسمتْ مطبعةُ الكونِ حروفْ *** فتَلالا لعيونِ الناظرينْ
وتلاميذُ الدجى تلك الصفوف *** أنجمًا تسبحُ في ماءٍ معين
وإذا الغيمُ لها دَقَّ الدُّفوف *** رقصت للإلْفِ من ذاك الحنين
وغَدَتْ في زَجَلِ الرعدِ تصيح *** كلما أزعجَها مشيُ الرَّسيم
أسفرتْ في الأفْق عن وجهٍ مليح *** فتلاشى حولَها القلب السقيم
أنجمٌ ترسبُ في موج الظلامْ *** وعلى حاشية الأفْقِ طَفَتْ
أو نديمٌ أشبَهَ البدرَ التمام *** قام يسعى بشمولٍ لطفَت
ليَ نفسٌ شربتْ حبَّ السلام *** وعلى العليا أراها عطفَت
لست أهوى غيرَ ميدانٍ فسيح *** للمعالي وصراطٍ مستقيم
إن قلبي من بني السوءِ جريح *** أ جديدًا كان أم كان قديم
جَرِّدِ النفسَ عن الخُلْقِ الرَّذيلْ *** واحترفْ للنفس أنواعَ الكمالْ
فعلى الإنسان قد قام الدليل *** عملاً طورًا وطورًا في مَقال
ماؤنا كان لدينا السلسبيل *** فعلامَ اليوم قد أصبحَ آل
كان نهجُ العلمِ نهجَ المستميح *** لعلوِّ النفسِ غاياتُ حكيم
هل علا مرتفعًا مثلَ المسيح *** أو سرَى يطلب أصحابَ الرقيم؟
أين ذاك العِلْمُ والغربيُّ سادْ؟ *** وأنا الشرقيُّ لا أهوى الوفاقْ
وتقهقَرْنا وعن نهج السَّداد *** مالتِ الأنفس تسعى في شِقاق
نهض الغربُ بتثقيفِ البلاد *** وبنى فوق ثريّاه رُواق
أبني الشرق إلى المجد صُروح *** يا بني الشرق وهل يرجو النعيم
ألَهُ روحٌ إلى العليا طموح *** ومن الجهلِ له الخِلُّ الحميم؟
لا تخلْ أمرَكَ أمرًا مستحيلْ *** أيها الشرقيُّ فالناسُ سَوا
فاتّخذْ عن مقتفي النفس بديل *** فلقد ضلَّ أخوها وغوى
لا تُضِعْ عمرَك في قالٍ وقيل *** واحملَنْ للعلم منشورَ اللِّوا
وارتفعْ مُرْتقيًا مَعْ كلِّ ريح *** ومن العلم انتقِ الدرَّ النظيم
واستقمْ في طورِ سيناء النزيح *** وأعِدْ ذكْرَ مناجاةِ الكليم
من قصيدة: نفثة في الشتاء
زحفَ الشتاءُ على البلاد ببردِهِ *** وأتَتْ مزمجرةً طلائعُ جندِهِ
واقتادها خيلاً عِتاقًا شُزَّبًا *** جُرْدًا تخالطُ غَوْرَه في نجْدِه
هَزْلاً يكرُّ وتارةً متحمِّسًا *** وأنا القتيل بهزلِه وبجَدِّه
قد شرَّعَ السُّمْر الطوالَ على الورى *** وغدا يلفُّهمُ بطرفِ فرندِه
يا مخْذَمًا شحذَ الزمانُ غِرارَه *** وأقام مُحتدمًا بشفرةِ حدّ
خَبَرُ الشتاءِ ومُبتداه أضرَّ بي *** أين الربيعُ وأين زهرةُ وَردِه؟
بسط الجمالُ على البسيطةِ نوره *** والماءُ ساغ إلى النبات بوِرْده
متموِّجًا يجري طرادًا والهوى *** يجري انعكاسًا ساعيًا في رَدّه
والصبُّ أسكره ارتياحُ ضميرِه *** نشوانَ منعكسًا هواه بطردِه
يا ليلةً طالت عليه من الشِّتا *** واذا به متقلّبٌ في وَجْدِه
والغيمُ أمطره بوابل همّه *** فاندكّ حزنًا من صواعق رعده
وانصاع يرفل في ثياب مصيفه *** ومهبّ عاصفة الشمال ببرده
تلك الطلائع قيّدت منه الحشا *** فتراه يرسف في سلاسل قيده
إن لم يحطّمها بمرهف عزمه الْ *** لَيثُ الهزبر لتذهبنَّ برشده
المصادر:
1 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها – مطبعة النعمان – النجف 1957م.
2 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج 5) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
3 – كاظم عبود الفتلاوي: المنتخب من أعلام الفكر والأدب – المواهب للطباعة والنشر – بيروت 1998م.
4 – كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين – مطبعة الإرشاد – بغداد 1969م.
5 – محمد هادي الأميني: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام – مطبعة الآداب – النجف 1964م.
2015-03-31