محمد صالح بن مهدي بن محسن بحرالعلوم
المعروف بـ(محمد صالح بحر العلوم)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الشرف عام (1327 هـ -1909 م)، وتوفي في الكاظمية ببغداد عام (1413 هـ – 1992 م)، عاش في العراق.
نشأ في كنف أمه بعد أن توفي عنه أبوه وهو صغير، وقد تأثر بها، فقد كانت تنظم الشعر باللهجتين الفصحى والعامية.
تلقى علوم العربية والكلام والأصول والفقه على يد عدد من العلماء، وتأثر بمجالس النجف وأنديتها الأدبية وأجوائها الفكرية.
أصدر مجلة (المصباح) في عام 1934.
حوكم عام 1935 أمام المجلس العرفي العسكري لأسباب سياسية في الناصرية، فحكم عليه بالسجن المؤبد، وبعد بضعة شهور شمله العفو العام فخرج من سجنه.
تأثر – بعد خروجه من السجن – بالأفكار الماركسية، وكان من المؤيدين لانقلاب بكر صدقي الذي وقع عام 1936.
عمل – بعد أن انتقل إلى بغداد – في معمل السكاير الوطنية، تميزت هذه الفترة من حياته بالدفاع عن الفلاحين، ومهاجمته الإقطاع، مما أدى إلى إعتقاله.
انتخب في عام 1945 رئيسًا للهيئة الإدارية لنقابة عمال السكاير في العراق، وفي عام 1947 م أعاد إصدار مجلة (المصباح) أدبية نصف شهرية.
كان مؤيدًا لوثيقة كانون الثاني (1948) ضد معاهدة بورتسموث الاستعمارية، فقبض عليه وعذب، وبقي لا يقوى على عمل حتى عام 1949.
كان في طليعة العاملين بحركة السلم منذ انبثاقها عام 1949 م، وأصدر كراسًا وافيًا عنها عنوانه (في سبيل سلم دائم) وكان معروفًا آنذاك عن حركة أنصار السلام (الماركسية) أنها واجهة من واجهات الحزب الشيوعي العراقي، وفي عام 1951 أصدر كراسًا ثانيًا تحت عنوان (في سبيل ميثاق السلام) وقد سجن على أثر ذلك مدة عام.
أسهم – مع إستهلال العهد الجمهوري في العراق – في تأسيس اتحاد الأدباء العراقيين، وأصبح عضوًا في هيئته الإدارية.
مثل العراق في مؤتمر أدباء آسيا وإفريقيا (1958) ومهرجانات أخرى.
كان عضوًا في جمعية الصداقة العراقية السوفييتية، ورئيسًا لجمعية الصداقة العراقية الألمانية.
الإنتاج الشعري:
له عدد من الدواوين: (العواطف) – 1937م، (أقباس الثورة) – بغداد 1959م، (ديوان بحر العلوم) – (ج1) – دار التضامن – بغداد 1968م، و(ج2) – دار التضامن – بغداد 1969.
الأعمال الأخرى:
له عدد من المؤلفات منها: رواية (العفة) – جزآن – البصرة 1932م، كراس (في سبيل سلم دائم) – بغداد 1950م، كراس (في سبيل ميثاق للسلام) – بغداد 1951م.
شعره:
في شعره نزوع ثوري، متمرد، وما كتبه من شعر يعد أنشودة للكادحين من العمال والفلاحين، ينحاز لقضاياهم، معبرًا بلسان حالهم عما يقع عليهم من ظلم، وله شعر يدعو فيه إلى التسلح بالعلم. والسعي إلى السبق، وملاحقة التقدم، كما كتب عن تجربته في السجن، يميل إلى الرمز خاصة ما كان منه في قصيدته المطولة (ياقمر) التي تجيء تعبيرًا عن دعوته إلى التواضع، ونبذ الكبر، والإحساس بالآخر، حالم باندحار الطغاة، وله شعر ذاتي وجداني، يتميز بنفس شعري طويل، ولغة طيعة، وخيال نشيط، التزم عمود الشعر إطارًا في بناء قصائده.
لقب بشاعر الشعب لسهولة شعره وثوريته.
عناوين القصائد:
. من قصيدة: يا قمر
. من قصيدة: ليلةٌ في الغَرّاف
. من قصيدة: دولةُ العلم وزُرُّ الجرَس
من قصيدة (يا قمر)
قفْ حيِّ يا قمرَ السماء *** وجوهَ أقمارِ البشرْ
هذا الجمال فأين أن *** تَ؟ وهل لوجهِكَ من أثرْ؟
خدعتْكَ أقوامٌ تكي *** لُ لك النُّعوتَ بلا جَدارهْ
وتزلَّفَ الشُّعراء من *** كَ فسلَّموا لك بالإماره
ومن البيانِ تجمَّلوا *** لكَ في مجازٍ واستعاره
فوضَعْتَ نفسك موضعًا *** لا تستقيمُ له الصَّداره
وهلِ الكواكبُ كالحِسا *** نِ يغرُّها لُطْفُ العِباره؟
أم كنتَ تجهل ما يُرا *** دُ ولستَ منه على حذَرْ؟
فانزلْ على شرف الهَوى *** من كبريائِكَ يا قمرْ
هذا الجمال فأين أن *** تَ؟ وهل لوجهِك من أثَرْ؟
خلِّ الغرورَ وعدِّ عن *** كَ تَجبُّرًا لم يثْنِ رأسَكْ
ماذا جنيتَ؟ وهل على *** غيرِ الخيال تركتَ غَرْسَك؟
أمُعربدٌ ويدُ الغُيو *** مِ دَنَتْ تحطِّمُ منك كأسَك
والأفْقُ مَلَّكَ ساخطًا *** فالبسْ لحربِ الأفْقِ تِرْسَك
فالذنبُ ذنبُك والجزا *** ءُ يُصيبُ بالتحقيق نفسَك
وهَبِ احترزْتَ من العِقا *** بِ فهل من العُقبى مَفَرْ؟
فانزلْ على شرف الهوى *** من كبريائك يا قمر
هذا الجمال فأين أن *** تَ؟ وهل لوجهِك من أثر؟
ما في اعتزالِكَ عن سوا *** كَ من الكواكب غيرُ سِجنِ
زجَّتْك في أعماقِهِ *** نُظُمُ الطبيعةِ ألفَ قَرْن
فإذا انقضتْ ستموتُ مُنْ *** فَردًا بلا إلْفٍ وخِدْنِ
ويروح ذِكرُكَ حيث رُحْ *** تَ ولم يعدْ يومًا لذِهن
وسيَهدمُ الحدثانِ بَعْ *** دَكَ ما بنيتَ وما ستبني
فعلام تمرحُ في حيا *** ةٍ زَهْوُها نَكدٌ وشَرْ
فانزلْ على شرف الهوى *** من كبريائك يا قمر
هذا الجمال فأين أن *** ت؟ وهل لوجهك من أثر؟
إن كنت تكمُلُ ليلةً *** في الشَّهرِ حيث تلوحُ بدرا
فلديَّ أقمارٌ يدو *** مُ كمالُها في الأرض دهْرا
منها اقتَبستُ الفن إلْ *** هامًا وصغتُ الوحيَ شعرا
وأخذت عنها الحبَّ واس *** تظهرْتُه سِفْرًا فسِف
وقرأتُ في ألحاظِها *** ما يدَّعيه الناس سحرا
فعرفتُ أن مصيرك الْ *** مرصودَ ينذرُ بالخطرْ
فانزلْ على شرف الهوى *** من كبريائك يا قمر
هذا الجمال فأين أن *** ت؟ وهل لوجهك من أثر؟
من قصيدة: (ليلةٌ في الغَرّاف)
ما لِعينيكِ تعبثان بحالي *** فتُصيبا حُشاشتي بنِبالِ؟
وإذا ما عرضْتُ فعلَكِ للنا *** سِ تعامَتْ عيونُهم بانفِعال
ليس فيهم مَن جَرَّب الحبَّ في دُنْ *** ياهُ يومًا حتى يرقَّ لحالي
كلما فُهْتُ فيه راح هباءً *** في مهبِّ الإعراض والإهمال
وحواليَّ معشرٌ يجهلُ الحُبْ *** بَ ولم يَرْعَ حرمةً لمقالي
ويكِ رفقًا بمن رميتِ عليه *** شَرَكًا من تغنُّجٍ ودلال
فهوى في الهوى ولم يدر ما في *** قَعرِه من خطورةِ الأهوال
أيُعيدُ (الغرّافُ) ليلةَ أُنسٍ *** مكَّنتْني من نيْلِ أحلى وصال؟
بِتُّ فيها يقظانَ لا آلَفُ النو *** مَ ولم يَحْلُ لي وأنتِ حياي
نَتناجَى الهوى وإذ مسَّنا البَرْ *** دُ نجوَنا منه بنارِ الجِدال
أنا أدعو لثورةٍ تنسفُ الظل *** مَ وتبغين غيرَها باعتدال
وبَياني يشفُّ عما يُواتي *** هِ ادِّعائي بقوةِ استدلال
غيرَ أن الجمالَ يمنحُكِ الحُ *** مَ فأجثُو أمامه بامتِثال
وقضاءُ الجمالِ يلحظُه الصَّبْ *** بُ بعينِ الإكبارِ والإجلال
ليلةٌ في (السُّوَيج) تدرينَ ما في *** ها ولم يبلُ رسمها عن بالي
حين طوَّقْتُ منكبَيْك بيُمنا *** يَ وفوق النَّهدينِ نامتْ شمالي
فتغاضيتِ [تَغمرينيَ] باللُّطْ *** فِ وتجزين هَفْوتي باحتمال
وأثرتُ الضميرَ فيك لعِلمي *** أنَّ فيه براعةَ استهلال
أنا لا أطرقُ الأمورَ بلا ثَوْ *** رةِ وعيٍ على القديم البالي
أنا ضِدّ التقليدِ في كل شيءٍ *** ونقيضُ الأنقاضِ والأطلال
حيث لم أُلْفَ في الجمودِ على التْق *** ليدِ إلا تَعقُّدَ الأغلال
من قصيدة (دولةُ العلم وزُرُّ الجرَس)
بدولةِ العلم وتاجِ الصلاحْ *** تُكوِّنُ الأمةُ عرْشَ الفلاحْ
القلمُ الحرُّ بميدانِهِ *** تَرهبُه البِيضُ وسُمْرُ الرماح
العلمُ نبراسُ عُقولِ الملا *** يهدي إلى الغايةِ مَنْ قَ
يربحُ بالحكمةِ كأسَ العُلى *** شعبٌ على استِقْلاله حكَّمَه
وتنجمُ الفوضى بقُطرٍ خلا *** منه فجارَى ذئبُه ضَيْغمَه
نظامُه الزائلُ يدعو إلى *** صِيانه استبدادُ مَنْ نظَّمه
بالعلم غاصَ الغربُ بحرَ الحياةْ *** يبحثُ عن أسرارِها الغالِيهْ
وفي أياديه تحرَّى النّجاةْ *** من شَرَكِ الأنظمةِ الباليَه
وأتحفَ العالمَ بالمعجزات *** فأكبَرتْها الأممُ الواعيه
والشرقُ لا زالَ بسُكر السُّبات *** تشغلُه العربدةُ الواهيه
أسقطَه الجهلُ بجُبِّ الهوى *** فانفَصمَتْ منه عُرى رُشدِهِ
وغايرَتْ أوضاعُه ما روَى *** تاريخُه المُعرِبُ عن مَجْدِه
المصادر:
1 – آغا بزرك الطهراني: الذريعة إلى تصانيف الشيعة (ج9) – دار الأضواء – بيروت 1983.
2 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها (ج1) – مطبعة النعمان – النجف 1957.
3 – حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين – دار الشؤون الثقافية – بغداد 1995.
4 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج9) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954.
5 – كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين – مطبعة الرشاد – بغداد 1969.
6 – محمد هادي الأميني: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام – مطبعة الآداب – النجف 1964.
2015-04-20