الجمعة , 22 نوفمبر 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » الغزو الوهابي للنجف

الغزو الوهابي للنجف

سنة 1218هـ – 1803م ……

كان الغزو الوهابي في هذه السنة بقوة أشد من غيرها من السنين , غير أن النجف بقيت ثابتة داخل سورها المنيع , وحينها جاء علي باشا الكهية بجيوشه راجعاً من سنجار إلى النجف الأشرف ماراً بالشامية , وهناك استعان بالقبائل التي كانت مستعدة أكثر منه لمقاومة الوهابيين, ورتب جموعاً من عثمانيين وكرد وعرب وجعلهم تحت قيادة حليفهم ومشاورهم فارس شيخ شمر , وأمرهم بالذهاب إلى جبل شمر , وفي هذه الأثناء أُعلم فارس الجرباء بأن جمع الوهابيين وأتى إلى هذه الجهات , فأغار فارس بمجموعته نحوهم يقصد الظفر بهم , فلم يروا أثراً لهم , وقضوا ليلتهم قرب قصر الأخيضر فوق شفاثا ( شثاثا ) , وينما هم في استطلاع الأخبار , إذ جاءت الأنباء بأنهم وصلوا إلى غربي النجف إلى القُطقُطانة ( الحياضية ) فقاموا من ساعتهم فأغاروا عليهم , ولم يصلوا إلا وقت المغرب فوجدوا أثراً, ولكنهم لم يعثروا عليهم فإن الغزاة هربوا واختفوا عن الأنظار.

وعلى أثر هجوم الأعراب على النجف الأشرف والاضطرابات التي حلت بها , طلب الشيخ الأكبر جعفر الكبير كاشف الغطاء من أهل العلم في النجف أن يحملوا السلاح ويتمرنوا على تدريب الحرب والقتال لمواجهة الغارات التي كن يشنها سعود الوهابي على النجف بين حين وآخر للاستيلاء عليها كما فعل في كربلاء عام 1216هـ, فقد حفز هذا الخطر المحدق بالنجف الشيخ كاشف الغطاء أن يعتبر نفسه المسؤول الأول عن حفظ النجف والدفاع عنها , فانتخب جماعة من الشباب الأقوياء وسلحهم وأجرى لهم رواتب , فأصبحت عند الشيخ قوة مدافعة , مضافاً إليها قوة رجال العلم الذين اختاروا الدفاع ومقابلة كل عدو يحاول الهجوم على النجف, وبذلك أصبح الشيخ كاشف الغطاء – بالإضافة إلى زعامته الدينية – زعيماً دنيوياً لا يختلف في أمر أحد .

وكان من أوائل الرجال الذين رتب لهم رواتب جماعة من الشجعان منهم : سوّد العكايشي ( جد فخذ من الأسرة العكايشية المعروفة بآل سوّاد اليوم ) وعباس الحداد ( جد الأسرة المعروفة بالحداحدة ) وغيرهم, فكانوا يذهبون خارج مدينة النجف متظاهرين بالصيد , وفي خلال تصيدهم كانوا يصطادون الغزاة من الأعراب الذين يقصدون النهب والسلب والتخريب, وقد قتلوا على هذه الطريقة خلقاً كثيراً , وقسم منهم كان يؤتى بهم مكتوفاً إلى الشيخ لاستنطاقه ومعرفة رأيه, حتى انقرض الذين كانوا يريدون السوء بمدينة النجف .

ضريبة على أهالي النجف.

وفي هذه السنة فرضت الحكومة العثمانية على أهالي النجف ضريبة مقدارها أربعين طغاراً ( ثمانين طناً ) من الطعام , وهذا المبلغ في ذلك اليوم كثيراً لم تطق الأهالي حمله,وعجزوا عن أدائه, فقام الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء بتسليمه, فمدحه الشيخ محمد علي الأعسم المتوفى سنة 1233هـ , بقصيدة أرخ فيها عام وفاته, وقال منها :

ولكم قد جدت بلا جدة               فملأت البـــحر بها والبر

أرخت الكربة أرّخ(كم              فرجت بأبي موسى جعفر

( تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.