الجمعة , 22 نوفمبر 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » شعراء » سعد بن محمد بن صالح آل جريو الحسيني

سعد بن محمد بن صالح آل جريو الحسيني

المعروف بـ(سعد صالح)

سيرة الشاعر:

ولد في مدينة النجف الأشرف سنة ( 1307هـ – 1889م) وفيها استقر جثمانه، وكانت وفاته في بغداد عام ( 1369هـ – 1949م).

كان خطيبًا، وناثرًا، كما كان شاعرًا مقلاً، تلقى علوم العربية في المعاهد الدينية في النجف، ثم انتسب إلى دار المعلمين في بغداد.

حين اندلعت ثورة العشرين (في العراق) ترك الدراسة وعاد إلى النجف الأشرف وأسهم في تحرير جرائد الثورة، فلما انطفأت نارها فرّ إلى الكويت، فتوسط له رجب النقيب بالعودة.

تخرّج في دار المعلمين (1921م) ثم انتسب إلى كلية الحقوق، وكان يعمل مدرسًا بالمدرسة الجعفرية الأهلية لينفق على نفسه أثناء دراسته، وقد تنقل بين عدة أعمال في هذه المدة، حتى أكمل دراسة الحقوق (1925م).

شغل عدة وظائف إدارية عقب تخرجه في الحقوق، ولكنه كان يصطدم مع الإدارة الإنجليزية لما يؤمن به من الحرية والإصلاح، من ثم استقال، فمارس المحاماة، ثم أعيد إلى الوظيفة، حتى أصبح متصرفًا (محافظًا) لعدة لواءات على التعاقب.

كان قد انتمى إلى جمعية حرس الاستقلال إبان الثورة، وفيما بعد انتخب نائبًا، كما عيِّن وزيرًا للداخلية (1946م) – وبعد استقالة الوزارة انضم إلى حزب الأحرار – المؤسس حديثًا، وانتخب نائبًا لرئيس الحزب، ثم رئيسًا له.

أصيب آخر حياته بضمور في العضلات أقعده، وفي هذه المرحلة نشطت شاعريته، وقد توفي وهو نائب في البرلمان العراقي.

الإنتاج الشعري:

له عدة قصائد أثبتها كتاب «شعراء الغري» – ونصَّ على مصادرها الصحفية: قصيدة في كتاب: «سعد صالح ودوره السياسي في العراق» وله قصائد نشرتها الصحف: موشح «عبرات» – جريدة الاستقلال 19-3-1922م و«أناشيد وطنية» جريدة الحارس (العدد 65)، و« نشيد بغداد» – جريدة الاتحاد (العدد 72) في قصيدة «الأشباح» – آخر ما نظم – يتداخل الهم الذاتي بواقع الوطن الذي يعاني، وقد وجد عزاءه في التذكير بجهاده وصلابته، وفي أناشيده الوطنية يبدو اعتزازه التاريخي وفخره وأمله، أما وشحاته فهي الأقرب إلى الإفضاء بعالمه الداخلي وأطوار حياته، ونادرًا ما تقف تجاربه عند ذاته، الوطن (ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً) يوجه فكرتها ويمنحها نكهتها.

نموذج من شعره:

الأشباح

الشباب

بغداد في العصر الذهبي

من قصيدة: الأشباح

أَبَوَارقَ الآمال والآلامِ *** لُوحي لعلّك تكشفينَ ظَلامي

فلقد بدا شبحُ الهموم على الدّجى *** حَلِكًا رُكامًا قام فوق رُكام

يُوحي إلى نفسِ المريض كآبةً *** خرساءَ تخلعُ مُهجة الضّرغام

متوسطًا شبحين ذاك لمحنة ال *** وطنِ الأسير، وذا لفِرط سُقام

فَلِعلّتي شبحٌ رهيبٌ كالرَّدى *** ولموطني شَبحٌ جريحٌ دامي

أَوَ كلما جنَّ الظلامُ تدانت ال *** أشباحُ نحوي وانتصبنَ أمامي

وتبادلت همَساتِها ما بِينها *** نجوى تُخاطبني بغير كلام

نجوى تثيرُ مشاعِري وحفيظتي *** وتزيدُ من ألمي وَمِن أسقامي

فيقولُ لي شبحُ الهموم قد انطوت *** هذي الحياة وأذّنت بختام

وأنا وأنتَ على وفاقٍ دائمٍ *** ما حدتُ عنكَ ولا مَللت مَقامي

أترعْتُ كأسَك علقمًا فشربتَها *** فكأنها قد أُترعتْ بمُدام

فلئن مَللت من الصّراع فقد مضى *** عامان لي عبثًا ونصفُ العام

وأنا وأنتَ مُهاجمٌ ومدافعٌ *** أنا ما اندحرتُ ولا فررتَ أمامي

سمّوني الدّاءَ العَياء وأنت قد *** أعييتني وفَلَلت حدَّ حُسَامي

قصيدة: الشباب

الصِّبَا والهوى وبيضُ الأَماني *** ذهبتْ كلُّها كأمس الذاهبْ

حدّثوني عن الشباب فكلُّ ال *** عيشِ في ذكرِهِ وذكرى الحبايب

واذكروا لي عهد الشباب وما في *** هِ من اللهو والمها والملاعب

قِيلَ لي قد كملتَ لما أصاب النْ *** نَقصُ أيامك الزواهي الذواهب

حُزْتَ علمًا وحكمةً وتجاري *** بَ، وقولاً فصلاً ورأيًا صائب

وتركتَ الطيش المكدّر للعَيْ *** شِ بخلق الأذى وبعثِ المتاعب

فشبابُ الإنسان ليلٌ ستَنْجا *** بُ بفجر المشيب منه الغياهب

صاحِ إني لأشتري عمرَ يومٍ *** من شبابي بحكمتي والتجارب

إنَّ نقصًا مع الشباب لأبهى *** مِنْ كمالٍ مع المشيب الشاحب

وضلالاً مع الشباب لأجدى *** مِن مشيبٍ يهدي الطريقَ اللاحب

إنّ ليلاً يُوحي الحياةَ دجاه *** لهْوَ خيرٌ من ألف فجرٍ كاذب

ونُهيرًا تدفَّقَ الماءُ في شَطْ *** طَيه رنقًا والموج داوٍ وصاخب

هو أحلى لديَّ من راكدِ الغُدْ *** رانِ، والماءُ صافٍ وراسب

أهديرَ التيّار تدعون طيشًا *** ووقارًا صمتَ الغديرِ الناضب

يا شبابي وكلُّ ما مرّ حلوٌ *** فيك إلا اصطحابَ ذاك الصاحب

خِلْتُه في النوائب السود ذخرًا *** مثلما كنتَ ذخرَه في النوائب

أنا أُعطيه من حقوق الأشقّا *** ءِ، ويُفشي عني ضروبَ المثالب

عاب خُلقي وكم تمنّى بأن يُنْ *** عَتَ بين الورى بما هو عائب

أيعيبُ الوفا وطيب السجايا *** أم يعيبُ الندى وغُرَّ المناقب

فرأى من معايبي أن عِرقي *** ضاربٌ في عُلا لؤيّ بن غالب

يا زمانَ الصِّبا أترجع يومًا *** فأنا من إساءتي تلك تائب؟

من قصيدة: بغداد في العصر الذهبي

رفعتِ منارَ العلم في الشرق كلّه *** وأعليتِ من شأن الحضارة ما انحطَّا

وما اختطّك المنصورُ للناس بلدةً *** ولكنّه للعلم دارًا قد اختطّا

أعاصمة َالعلم التي نَهَجتْ له *** مناهجَ رشدٍ كم هدت للعلا رهطا

مدارسُك اللائي غدونَ دوارسًا *** أَنرْنَ دياجي الجهل في الأعصر الوسطى

وأبرزَكِ العصرُ الرشيديّ غادةً *** يزيد حلاها من مدارسه سِمْطا

فصيَّر أرض الشام طوقًا لجيدها *** وأضحت لها زهراءُ قرطبةٍ قُرطا

وأعطاك – يا بغدادُ – مصرَ قلادةً *** ومصر إذا جاز العطا خير ما يُعطَى

وأنت التي طاولت كيوان في العلا *** وقد فقْتِهُ شأوا وشاطَرْتِه شوطا

ولا بِدْع أن صيَّرْتِهِ لكِ موطأً *** فمنزلك الأعلى ومنزله الأَوطَا

وكنتِ تلاقين الزمان وريبه *** مغالبةً أبدى رضًا لك أم سخطا

وكنت محطًا للعلوم وهيكلاً *** منيعًا أجادته أوائلنا ضبطا

فكيف محطُّ العلم أصبح خاليًا *** ومنزلك السامي غدا اليوم منحطَّا

المصادر:

1 – جعفر الخليلي: هكذا عرفتهم – مطبعة الزهراء – بغداد 1963م.

2 – ستار جبار الجابري: سعد صالح ودوره السياسي في العراق – مطبعة المشرق – بغداد 1997م.

3 – عبد النبي الشريفي: سعد الراحل الخالد – المطبعة الحيدرية – النجف 1949م.

4 – علي الخاقاني: شعراء الغري – (ج4) المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.

5 – علي كاشف الغطاء: سعد صالح في مواقفه الوطنية – مطبعة الراية – بغداد 1989م.

6 – محمد علي كمال الدين: سعد صالح – مطبعة المعارف – بغداد 1949م.

7 – الدوريات: جعفر الخليلي: مجلة الهاتف – السنة 14 – العدد 522 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.