سعيد بن محسن الحسني الحكيم النجفي
المعروف بـ(سعيد الحكيم)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1317هـ – 1899م)، وتوفي في مدينة البصرة عام (1401هـ – 1980م)، ودفن في النجف الأشرف.
نشأ على أبيه في النجف، واتصل بالزعيم الديني الشيخ عبدا لله المامقاني وساعده على إخراج مؤلفاته، وأهمها «كتاب الرجال».
عقب وفاة عمه باقر الحكيم – وكان إمامًا في جامع المقام في العشار بالبصرة – انتقل إلى العشار وحل مكان عمه.
الإنتاج الشعري:
شعره قليل، وقد أثبت له كتاب «شعراء الغري» عدة قصائد ومقطعات، القصائد المتاحة من شعره تدخل جميعها في شعر الدعوة إلى الوطنية والنهضة، فهي محكومة بهذا الشعور المهيمن الذي يجد مادته في التغني بأمجاد الماضي وتحفيز الهمم لمواجهة المستعمر وصناعة المستقبل القوي، غير أن صور الطبيعة وأوصافها تأخذ مساحة مهمة، بل قد تكون منطلق القصيدة مثل قصيدته في التشوق إلى بغداد، فهما عنصران يستدعي أحدهما الآخر في جميع الأحوال: الطبيعة، والوطنية.
نموذج من شعره:
ذكرى بغداد
أنا والكواكب
قصيدة: ذكرى بغداد
نفسي تحنّ إلى سكناكِ بغدادُ *** وكلَّ يومٍ إلىك الشوقُ يزدادُ
يا لائمي في هوى بغدادَ من سفَهٍ *** أَقْصِرْ وَكُفَّ فبعد اليوم ميعاد
هلُمَّ وانظرْ إلى ما في مناظرها *** من الجمال فأزهارٌ وأوراد
كأن كل لياليها لَدَيْك ضحًى *** وكل أيامها بالأنس أعياد
بغدادُ فضْلُك لا أسْطِيع أ *** وكيف يُحْصر فضلُ الخلد بغداد
الجسرُ ماج بمن حَلّوه مضطربًا *** أهَلْ درى أن مَنْ حَلّوه
هذا عراقيَ أضحى بيننا أملاً *** أهكذا زمني وعدٌ وإيعاد
من ذا ينبّه قومي من سُباتهمُ *** وكلما انتبهوا من نومهم عادوا؟
فإنهم لم يزالوا الدهرَ في سِنَةٍ *** كأنهم وهُمُ أحياء قد بادوا
ومن يقول لهم حتى أثيرهمُ *** حتَّامَ تَسْتعبِدُ الأمجادَ أوغادُ؟
أم كيف يُؤْمل إصلاحُ البلاد بكم *** وكل أفعالكم يا قومُ إفساد؟
فاستيقظوا وأفيقوا من ضلالكمُ *** يا معشرًا عن سبيل الحق قد حادوا
تزوّدوا العلمَ والأعمال وادّخروا *** فإنّ ذلك نِعْم الذخر والزاد
أما اقتديتم بماء النهر حين طغى *** من بحره طافحًا تعلوه أزباد
ذي أرضنا استعبدت من بعد أن نُحرت *** لأن تحرر أجيادٌ وأجياد
قصيدة: أنا والكواكب
كحَّلتُ عيني بمِيل السُّهد والأرَقِ *** لما استفزّتْ شعوري روعةُ الأفُقِ
أبدَتْه أجمل شيءٍ لي كواكبُه *** ما بين مختلفٍ منها ومتَّفِق
كم ودّتِ الخَوْدُ لو أمست تُنسّقها *** على الترائب منها أو على العُنُق
وكم سبت عاشقًا مذ ظنّها ازدهرتْ *** له بحسنٍ من المعشوق مُسترَق
وكم رآها دنانيرًا قد انتثرتْ *** فودَّ لو ملأتْ كفَّيه كلُّ شقي
تميط عن نفسيَ الحيرى كآبتَها *** وحزنها بشعاعٍ جِدّ مؤتلق
من راقه الصبحُ إني حيث كنت أرى *** أسنى بعينيَ منه ظلمةَ الغسق
الليلُ بحرٌ به الأجرام سابحةً *** مثل العذارى فلا أشفتْ على الغرق
كأنها وحسامُ الفجر منصلتٌ *** نفوسُ أسرى تلقّته على رمق
هذي الكواكب في أفق السماء ترى *** خفوقها كفؤاد العاشق الخَفِق
تكوَّنتْ من سديمٍ واغتدت فِرَقًا *** ورُبّ مجتمعٍ قد آل للفِرَقِ
فاعجبْ لها وهي في هذا الفضا علقتْ *** وعن سواها غدت مقطوعةَ العلق
هل التجاذبُ أبقاهنَّ في قلقٍ *** مدى الزمان ومنها بتُّ في قلق
رأيان ما زال يسعى لاكتشافهما *** فكري كسهمٍ إلى الأهداف منطلق
مليكةُ الجوّ حول الأرض دائرةٌ *** لم تأنِ في سيرها يومًا ولم تفق
وقفتُ موقفَ حيران النهى زمنًا *** والفكرُ منّيَ في ليل الشكوك بقي
حتى انجلى لي بأفكارٍ منورّةٍ *** أن اقتفاء خطى الماضي من الحُمُق
بدت بآراء عصر النور وانكشفت *** حقائقٌ بسواها النفس لم تثق
من رقدة الجهل هبّوا يا بني وطني *** وعن سُبaات الهوى يا ذا الهوى أَفِق
لفرط جهلكمُ لو تعلمون غدت *** تبكي عليكم دماءً مقلةُ الشفق
كلُّ الشعوب أفاقت من ضلالتها *** فما لشعبي من الأوهام لم يفق
كلّ الشعوب ارتقت نحو العلا وأرىٍ *** للآن لم يحظَ شعبي في علاً ورُقي
لذا تصبَّبَ شعبي بينها عرقًا *** من الحَيا فالحيا من ذلك العرق
المصادر:
1 – عبد الكريم الدجيلي: شعراء النجف (مخطوط).
2 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج4) المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
3 – محمد الهاشمي: الأدب الجديد – المطبعة الحيدرية – النجف 1938م.
2015-03-25