سعيد بن صالح بن حمد آل كمال الدين الحلي
المعروف بـ(سعيد كمال الدين)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف سنة (1304 هـ – 1886 م) و توفي عام (1392 هـ – 1972 م)، عاش أكثر عمره فيها وتنقل بين عدة مدن عراقية.
نشأ على أبيه، ودرس النحو والمعاني والبيان والفقه والأصول، والفلك وعلم الهيئة على يد علماء النجف، ومنهم والده.
ساند الحركة الديمقراطية، وخاصم الاستبداديين في النجف أيام الحكم العثماني، وكانت له صلة بالصحف العربية والبغدادية، كما كان يكتب في جريدة «الدستور» و«صدى الدستور» البصريتين، موقعًا باسمه أو بأسماء مستعارة، أسهم في تأسيس مدرسة الغري في النجف الأشرف.
عين قاضيًا في مدينة الديوانية (1925م) ثم في مدينة الحلة (1928م حتى 1932م) ثم نقل إلى مجلس التمييز الشرعي – عضوًا ببغداد حتى 1941م – ثم عاد قاضيًا في مدينة البصرة، فمدينة الناصرية، إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 1952م حيث مارس بعدها المحاماة.
الإنتاج الشعري:
له عدة قصائد في كتاب «شعراء الغري»، كتب القصيدة، والموشحة، والمقطوعة، وطرق أغراض الشعر المألوفة، وكان تقليدي المعنى والصياغة، حتى في غزله، شعره القومي ينادي بالوحدة العربية، ويطالب بالتقدم، وقد استخدم التأريخ بالشعر، واتخذه سبيلاً إلى المراسلة.
نموذج من شعره:
مُنى قومية
طهران
طابت له الذّكرى
قصيدة: مُنى قومية
مُنًى بيراع العزم في جبهة الدهرِ *** لقوميَ خَطَّتها يدُ العزّ والفخرِ
منًى في ضمير المجد تبدو وتختفي *** مع الدم تجري في النوابض إذ يجري
منًى في نفوس العُرْب سرٌّ محجَّبٌ *** وقد آن أنْ ينضَى الحجابُ عن السرّ
منًى هل أراها في الحياة تحقّقت *** فأذهبَ مرتاحَ الضمير إلى قبري
أيُجمعُ شملي من عراقٍ وتونسٍ *** مع الشام معْ لبنانَ مع نجد مع مصر
مع اليمن الميمونِ ثم مراكشٍ *** أيُجمَع هذا الشملُ يا فرحةَ العمر
فننسجَ للتأريخ ثوبًا مجدّدًا *** تطرّزه كفُّ الكرامة وال
وتصبحُ أقطارُ العروبة حرّةً *** وشبّانُها فيها ذوي النّهيِ والأمر
قصيدة: طهران
تجوّلتُ في «طهرانَ» شوقًا لحُورها *** ووِلدانها ما بين لمياءَ أو أَلْمَى
هي الرّوض في «شمرانَ» والكأس تُجتلَى *** أضمُّ سُليمَى أو تعانقني سلمى
مع السِّرب من غزلانها متمايلاً *** طروبًا فلا همّاً أُلاقي ولا غمّا
وذي الخَفِراتُ البيضُ من ظَبياتها *** تتيه دلالاً إذ أُبادلها لثما
ونشربُها ورديةً فاح نشرُها *** فلذّتْ لنا طعمًا، وطابتْ لنا شمّا
بحيث النسيم الغضُّ يملأ مِعطسي *** وحيث الزُّلال العذب قد ساغ لي طعما
ولما اعترتني يقظةٌ بعد سكرةٍ *** وجدت الذي قد مرّ من عيشنا حُلما
شربت خيالاً في خيالٍ حسبته *** مُدامًا وقد عانقت في سكرتي وهْما
وإني حبيس «الناصريَّةِ» أكتوي *** لظاها وأحسو ماءها شاربًا سُمَّا
فينسدُّ أنفي من كنيف غبارها *** ويملأ أذني فهي مغلقةٌ صَمَّا
يخطُّ بخديَّ الصقيلين لِحْيةً *** ترابيّةً شوهاءَ في عارضي قَتْما
ويسكن في ليلٍ مع الناس نائمًا *** وعند الضحى في ثورةٍ يترك النوما
كذي تِرَةٍ عند النهار يَرُومها *** فيفتك مقتَصّاً من النور بالظَّلْما
فيقتل نورَ الشمس حتى كأنها *** وقد لبستْ حزنًا على نورها الغيما
ويلبسني ثوبُ الرّغامِ تناوبًا *** فألبسه شهرًا وأنزعه يوما
أمثِّل تمثالاً من التُّرْب قائمًا *** مشوَّهَ شكلٍ بالتراب قد اعْتَمّا
على الرغم مني أن أقيم ببلدةٍ *** عليّ عزيزٌ أن أقيم بها رغما
أردت النوى عنها ولكنْ تحكَّمتْ *** ظروفٌ قضت أنْ لا أفارقها حتما
تضيق سماها بالهوامّ وأرضُها *** حَوَتْ حشراتٍ جازتِ الكيفَ والكمّا
تُكوِّن جوقًا من ذبابٍ وجُندبٍ *** وبَقٍّ فمنها نسمع الزير والبَمَّا
إذا البقُّ غنَّانا رقصنا للمسه *** وصفَّقتِ الأيدي بأجسامنا لطما
صَراصرُها تغزو بجيشٍ عرمرمٍ *** ثيابيَ عن عمدٍ فتقضمها قضما
لقد عبثتْ في جُبَّتي ما بدا لها *** وراحت كأنْ لم ترتكب أبدًا جُرما
فتقفز طورًا إذ تراقص بعضها *** وطورًا تغنّي إذ لديها المنى تمَّا
فكان كما الغربالُ شيءٌ لبستُه *** أحيلَ ثقوبًا فهْو لي جُبّةٌ إسما
قصيدة: طابت له الذّكرى
طابت له الذّكرى فرقّ لما بي *** والذكرياتُ تطيب للأحبابِ
ذكرَ السوالفَ من لُيَيلاتٍ مضت *** والحبُّ زادي والغرامُ شرابي
حيثُ الصفاءُ، وحيث أيامُ الصِّبا *** والأنس زهوًا في بُرود شبابي
خِلٌّ إذا ما قلتُ لستُ مبالغًا *** هو صفوة الخلاّن والأصحاب
ما غيّرته عواملُ الدنيا ولا *** حادت مودّتُه عن الأعراب
غير الذين تقمّصت أجسادُهم *** للمخْلِصين لهم نفوسُ ذئاب
شتّانَ ما بين الرّضا ومذبذبٍ *** متملّقٍ لاَ يتّقي من عاب
أنا إن شكوتُ من الذباب فإنما *** أشكو أناسًا في طباع ذُباب
فهم الصراصرُ في ثياب تجلّدي *** عبثتْ فقلت مُغالِطًا بثيابي
سخريَّةُ الزمن الهزيل أتَتْهمُ *** مقتُ الحضور وسُبّة المغتاب
المصادر:
1 – حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين (ج3) – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 1995م.
2 – سعيد كمال الدين: مذكراته (نشرها كامل سلمان الجبوري) – النجف 1987م.
3 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج4) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
4 – فريق مزهر الفرعون: الحقائق الناصعة – مطبعة النجاح – بغداد 1952م.
5 – الدوريات: محمد علي كمال الدين: النجف في ربع قرن – فصول نشرت في مجلة البيان النجفية، الأعداد: 1، 2، 3، 4، 6، 8، 9.
2015-03-25