صالح بن مهدي بن حسن الحسيني الشهير بالقزويني الحلي
المعروف بـ(صالح القزويني)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة الحلة سنة (1257هـ – 1841م)، وتوفي في مدينة النجف عام (1304هـ – 1886م)، وعاش حياته في العراق.
تعهده أبوه بالرعاية، وتلقى علوم العربية عن بعض علماء الحلة، ثم هاجر إلى النجف فدرس على مرتضى الأنصاري الأصول والفقه، كما درس على مهدي كاشف الغطاء، فمنح إجازة الاجتهاد، وبذل عناية لإتمام ما كان ناقصًا من مصنفات والده، رثاه عدد من أعلام الشعراء في عصره.
الإنتاج الشعري:
له أشعار في كتب التراجم، ويرى الباحث الشاعر هلال ناجي أن خلطًا حدث في نسبة بعض القصائد إلى المترجم له وهي لشاعر آخر هو صالح القزويني النجفي البغدادي، وهذه القصائد عددها ست.
الأعمال الأخرى:
له رسالة في العبادات (مخطوطة)، ورسالة في فضل الإمام علي (مخطوطة).
شعره:
يمضي المأثور القليل من شعره في موضوعات تقليدية: الشكوى والمراسلة والتقريظ والرثاء، ويحتفظ بتقاليد القصيدة القديمة من مخاطبة الصاحب، وضرب الأمثال، ووضوح المعنى.
نموذج من شعره:
رسالة محبّ
دمع على الوجنات
مرابع الأبرقين
قصيدة: رسالة محبّ
ولقد قلتُ للمجدّين في السَّيْ *** رِ، وللوجدِ زفرةٌ في ضلوعي
وبعينيَّ أدمعٌ قد أغارت *** صيّبَ المزنِ في مجاري الدموع
يا حُداةَ الظعونِ دعوةَ صبٍّ *** أنحلتْهُ سويعةُ التوديع
إِنْ مررْتُم على اللِّوى فالمنقّى *** فاحبسوا العِيسَ بين تلك الربوع
فبِوادي العَذيبِ حيٌّ من العُرْ *** بِ نُزولٌ وإِنْ هُمو في الضلوع
إِنّ لي في خيامهم غصنَ بانٍ *** طائرُ القلب فيه ذو ترجيع
يتهادى عن ذابلٍ سمهريٍّ *** ويراني عن مَشرفيٍّ صنيع
قصيدة: دمع على الوجنات
في رثاء أخيه
دمعٌ على الوجنات ساكبْ *** وحَشًا بنار الوجدِ لاهبْ
وجوًى توقَّدَ جمرُه *** بين الأضالع والترائب
وهمومُ دهرٍ أصلحتْ *** ما بين قلبي والنوائب
وفوادحٌ علّمنَني *** غُصصَ التجرّعِ للمصائب
أوهَيْنَ درعَ تَصبُّري *** فحسرتُ للدهر المحارب
وخرقنَه فأقامني *** هدفًا لأسهمهِ الصوائب
كانت قناتي لا تَلي *** نُ لغامزٍ ضخمِ المناكب
فعجمْنَ عُودي مُذ قرعْ *** نَ صفاةَ صبري بالمضارب
وعرقْنَني عَرْقَ المدى *** وعركْنَ جفني عَرْكَ حالب
فاليومَ لنتُ وقبلها *** ما لانَ لي للدهر جانب
لا تعجبنَّ من الزما *** نِ، فإنه كنزُ العجائب
يُبدي مواصلةَ الخَلي *** طِ بحال إعراض المجانب
ويريكَ فعلَ مُباعدٍ *** في صورةِ الخِلّ المقارب
مُتلوّنًا كتلوّن الْ *** حِرباءِ أو كدَلالِ كاعب
يهبُ الرغائبَ ثم يَنْ *** تَهبُ الرغائبَ بالغرائب
ويُسيغكَ العذبَ الزُّل *** لَ بآجنٍ مُرّ المشارب
مُزجتْ لذائذُه بِري *** قِ الأيمِ أو سُمِّ العقارب
فلكم أباحَ حِمًى مَني *** عًا آمنًا غِيَرَ العواقب
وعروشَ مجدٍ ثلّها *** كانت رصيناتِ الجوانب
وعزيزَ قومِ قاده *** بمذلّةٍ قَوْدَ الجنائب
هذا الذي سجدتْ له الْ *** أفلاكُ فاقتعدَ الكواكب
واستخدمَ الأملاكَ بالنْ *** نِعَمِ الجزيلة والمواهب
وأضاء كالشمس المني *** رةِ في المشارق والمغارب
حطّ الزمانُ إلى الوِها *** دِ عُلاه من أعلى الشناخب
وأحال بدرَ سمائهِ *** بعد الإضاءة للغياهب
واقْتاده سلسَ القِيا *** دِ، وكان أشوسَ في الصعائب
وطواه طيَّ سحابةٍ *** عصفتْ بها ريحُ الجنائب
لم تُغْنِ عنه البِيضُ والْ *** جُرْدُ المطهَّمة السلاهب
والنثرةُ الزعفاء والسْ *** سُمْرُ العوالي والمقانب
والعزّةُ القعساء والشْ *** شَرفُ المؤثَّل بالمناقب
هتكَ الزمانُ حجابَ عِزْ *** زَتهِ ولم يحفلْ بحاجب
ما هاب مَحشده العظي *** مَ، ولا اتّقى تلك الكتائب
أخلى الأسرّةَ والمَنا *** برَ، والمدارسَ والمحارب
من ذلك اللألاءِ والْ *** عِلمِ الغزير وصوتِ راهب
تبكيه أوطانُ العلا *** والمكْرماتُ بها نوادب
أقوَتْ معاهدُها فلا *** راجٍ يؤمّ ولا مُر
هذي المصائبُ لا مَصا *** ئبَ آل يعقوبَ المصائب
هيهات سُلواني أبا *** موسى وإصغائي لعاتب
تبكيكَ عيني ما حَيي *** تُ بمدمعٍ كالغيث ساكب
حتى إخال (مُتمّمًا) *** في الحزن أو زيرَ الذنائب
قصيدة: مرابع الأبرقين
بات ليلي بالأبرقين طويلا *** أتمنّى جنحَ الدجى أن يزولا
أرقب النجم ساهرًا وأراعي *** هِ طلوعًا طورًا وطورًا أفولا
قَتَلَ الوجدُ نومَ عينيَ صبرًا *** أسمعتم نومًا كنومي قتيلا
لا أذوق الرقاد إلا غِرارًا *** أو كآسٍ يجسّ نبضًا عليلا
صاحبي خلّني من اللوم وانظرْ *** وتبصَّرْ ورُدَّ ردًا جميلا
فلَعَلِّي أُصيب منك لدائي *** لَقِنًا حاذقًا وطِبّاً نبيلا
سكرةً ما تراه أم حلمًا عا *** وَدَني، أم تُرى بعقلي ذهولا
أنكرَتْني هذي المنازل أم أنْ *** كرتُ منها معالمًا وطلولا
لا أراها ديارَ أهلي ولكنْ *** ني توسّمتُ مبسمًا معقولا
تتراءى بها بقايا جَمالٍ *** قلَّما فارقَ الجمال الجميلا
فتوهّمتها وأرسلت فيها *** نظرًا خاسئًا وطرفًا كليلا
كان عهدي بعيشها النضر غضًا *** ريّقًا كيف عاد يُبْسًا ذُبولا
كان عهدي بها مرابعَ خصبٍ *** كيف ألوَى وعاد مرعىً وبيلا
كان عهدي بها معرّسَ ضِيفا *** نٍ، وتأوي قِرىً وظلاً ظليلا
كيف أمست من ساكنيها خلاءً *** بعد ما كان ربعُها مأهولا
المصادر:
1 – علي الخاقاني: شعراء الحلة (ج3) – دار الأندلس – بيروت 1964.
2 – علي كاشف الغطاء: الحصون المنيعة (مخطوط).
3 – محمد السماوي: الطليعة من شعراء الشيعة – دار المؤرخ العربي – بيروت 2001.
4 – محمد علي اليعقوبي: البابليات (ج2) – المطبعة العلمية – النجف 1955.
5 – محمد مهدي البصير: نهضة العراق الأدبية في القرن التاسع عشر – مطبعة المعارف – بغداد 1946.
2015-03-25