الأربعاء , 24 أبريل 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » شعراء » صالح بن مهدي بن صالح حجي الكبير

صالح بن مهدي بن صالح حجي الكبير

المعروف بـ(صالح حجّي الصغير)

سيرة الشاعر:

صالح بن مهدي بن صالح حجي الكبير، ولد في مدينة النجف سنة (1298هـ – 1880م)، وفيها عاش وتوفي عام (1344هـ – 1925م)، وفي ثراها كان مرقده.

قرأ شيئًا من النحو، وتنقل بين مجالس الأدب وأنديته حتى تكونت لديه مرجعية ثقافية أبرزت موهبته الشعرية، فغدا شاعرًا، امتدادًا لسمعة أبيه وجده.

الإنتاج الشعري:

وثّق له كتاب: (شعراء الغري) عددًا من القصائد، نشرها له، وذكر علي الخاقاني أن للمترجم له ديوان شعر مخطوطًا، نسخ عنه بخطه نسخة كتبها عام 1943م  أغلبه مديح ورثاء وغزل.

شاعر رقيق العبارة، سلس الأسلوب حتى حين يعمد إلى بعض الزينة البديعية، يحافظ على نهج القصيدة التراثية، منطلقًا من مناسبة لا يلبث أن يجعلها محورًا للإفضاء عن بعض مشاعره الخاصة.

نموذج من شعره:

ذات الطلعة الغرّاء

الظبي الغرير

لِحاظ الغيد

قصيدة: ذات الطلعة الغرّاء

حيَّتْكَ ذاتُ الطلعةِ الغراء *** تهتزُّ بين جآذرٍ وظباءِ

حوراءُ تغشى الناظرين بنورها *** مهما بدت في ليلةٍ ظلماء

تجلو الحميّا والمحيّا ساطعٌ *** فتراهما القمرين في اللألاء

عطفتْ وواوُ الصدغِ يحرس خَدَّها *** خوفًا من الواشين والرقباء

غيداءُ نجلاءُ العيونِ فكم لها *** في مهجتي من طعنةٍ نجلاء

مهما دنت عذبتْ ولكنْ عذّبتْ *** صبّاً نحيلَ الجسمِ والأعضاء

يشكو من الوجدِ المبرّح والهوى *** نارًا بوجنة غادةٍ حسناء

أيحلُّ سفكَ دمي وفي شرع الهوى *** هي والصبابة أَفقَهُ الفقهاء

هيهات ما أفتى ابنُ إدريسٍ بذا *** وأبو حنيفةَ أعلمُ العلماء

ولقد مضى زمنٌ وإني لم أجد *** داءً بلبِّ القلبِ والأحشاء

حتى بُليتُ بحبّ غانيةٍ سَرَتْ *** حسرى القناعِ بروضة غَنّاء

نسجتْ لها أيدي الربيعِ مطارفًا *** قد كُلِّلَتْ بلآلئِ الأنداء

روضٌ يسرُّ الناظرين بزهرهِ *** وبنشره متأرِّجُ الأرجاء

روضٌ تَطرّزَ بالجواهر بُردُه *** يجلو الهمومَ برونقٍ وبهاء

ما غَرّدتْ وُرْقٌ بوارق دوحةٍ *** إلا أدارت أكؤسَ الصَّهْباء

غنَّت فأغنتنا بأعجم لفظها *** عن كلّ شادٍ مُعرِبٍ بغناء

غنّت فأطربتِ الفؤادَ بصوتها *** وأزال ما فيه من البُرحاء

وإذا بغيداءٍ يرنّح عِطفَها *** ريحُ الصَّبا لتَغنُّجٍ وِصِباء

تحكي مهاةَ الأبرقَيْن بطَرْفها *** وبجِيدها تحكي ظِبا الزوراء

وبوجهها الزاكي حكت قَمرَ السَّما *** في ليل شَعرٍ حالكِ الظَّلماء

ما يوسفٌ إلا استعارَ جمالَها *** منها ففاق ببهجةٍ وضياء

هيفاءُ ما مرّت عليّ سُويعةً *** إلا وطار الوجدُ من أحشائي

فجعلتُ ألثم ثغرَها لا خائفًا *** من صحبتي كلاّ ولا خُصمائي

عاتبْتُها والعتْبُ طال حديثُه *** ما بيننا عَمْدًا على الرقباء

حتى إذا شقّ الصباحُ عمودَه *** صدّتْ مُولّيةً وخاب رجائي

وجعلتُ أقطف جُلّنارَ الخَدّ لا *** متوقّيًا من أعين الرقباء

عانقتُهُ عند التلاقي ضحوةً *** قسرًا على الحسّاد والأعداء

قمرًا إذا ما بان صبحُ جبينهِ *** أزرتْ أشعّتُه بنورِ ذُكاء

لو شاهدَ الرهبانُ بعضَ جماله *** أضحوا بلا رشدٍ ولا آراء

حتى إذا ما الليلُ قوّض راحلاً *** صدَّ الحبيبُ وقد أطالَ جفائي

لله أيامٌ بها قد أنعمتْ *** عيني وفيها أرغمتْ أعدائي

قصيدة: الظبي الغرير

أبدرٌ تحت ليلِ الشَّعرِ غائبْ *** له أضحى البَها والحسنُ حاجبْ

تَشعْشَعَ نورُهُ لما تبدّى *** وعن أهل الهوى أجلى الغياهب

بروحي أفتدي ظبيًا غريرًا *** لقلبي والحشا لا زال ناهب

تثنّى مثلَ غصنِ البانِ قَدّاً *** وجرّدَ مُرهفًا ماضي المضارب

علقتُ بحبّه مُذ كنتُ طفلاً *** وغذّتْنيه أُمّي بالمحالب

أما وفتورُ عينيه وما قد *** حواه من المحاسن لستُ كاذب

تتبّعتُ المذاهبَ في هواه *** فكان ليَ الهوى أدنى المذاهب

تُعنّفني العواذلُ وهي تدري *** بلغتُ به إلى أقصى المطالب

ولي كبدٌ من الأشجان طاحت *** وجفنٌ دمعُه في الخدِّ ساكب

أبيتُ الليلَ ولهانًا كئيبًا *** وما ولهي إلى غير الكواعب

رماني طرفُه ُالوسنانُ سهمًا *** فكان به سُويدَ القلبِ صائب

من قصيدة: لِحاظ الغيد

فتكتْ لحاظُ الغيدِ بالمعمودِ *** فتكَ الصوارمِ في قلوب الصِّيدِ

هِيفٌ إذا سفرتْ بليلٍ حالكٍ *** شقّ الدجى من نورها بعمود

ربّاتُ خِدرٍ تُخجلُ الآرام في *** لفتاتها وعيونها والجِيد

رقّت لنا وجناتُها لكنّما *** أكبادُها أقسى من الجلمود

راقت فراق تَغزّلي وتَشبّبي *** فيها وراقَ لأعيني تسهيدي

كم أجَّجَتْ قلبي بنارِ خُدودها *** فهو (الخليل) وذو الضنا (نمرودي)

قاسيتُ منها محنةً لو في رُبا *** ثهلانَ دُكّتْ منه كلُّ صليد

أَسَرتْ فؤادي في الهوى وكذلكم *** دأبُ الغرام بقلبِ كلّ عميد

خَوْدٌ إذا لعب النسيمُ بقدِّها *** ماستْ كخُوطِ البانةِ الأملود

وإذا رأت أعطافَها قُضْبُ النّقا *** خضعتْ لها أغصانُها بسجود

ما افترَّ مبسمُ ثغرها إلا غدا *** يُزري بسِمْطِ اللؤلؤِ المنضود

هيفاءُ كم صرعتْ على وجه الثرى *** ليثًا بمرهفِ لحظها المحدود

بانت فبَرقعها أثيثُ فروعها *** في بُرقعٍ عن عين كلّ حسود

لو أنها عطفتْ بكأس مُدامةٍ *** لانفكّ أسري في الهوى بقيود

المصادر:

1 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها (ج3) – مطبعة النعمان – النجف 1957م.

2 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج4) المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.