صادق بن محسن بن مرتضى الزبيدي النجفي الشهير بـ(الأعسم)
المعروف بـ(صادق الأعسم)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف وتوفي في الكاظمية المقدسة عام (1301هـ – 1883م)، ودفن بالنجف، نشأ بالنجف ولكنه تعلق بالحياة في بغداد فكان يقضي أغلب أيامه بها، ويلمّ بالنجف إلماماً.
كانت بينه وبين محمد حسن كبّة مراسلات شعرية وأدبية.
توفي في وباء الطاعون، ولهذا دفن أولاً في الكاظمية، ثم نقل جثمانه في ما بعد إلى النجف.
كان بهي الطلعة لطيف البزّة.
الإنتاج الشعري:
ما بقي من شعره قليل يصل حد الندرة، وله في كتاب «شعراء الغري» قصيدة رثاء طويلة (100 بيتاً) وقطعة تقريظ لصديقه كبّة من خمسة أبيات.
الباقي من شعر المترجم له، لا يؤدي إلى استخلاص صورة فنية عن موهبته الشعرية، وفي قصيدة الرثاء تقترن الجمل القوية بالعبارات التي تكاد تكون عامية في المعنى والتركيب.
نموذج من شعره:
نزلتْ فشبَّتْ
يا ناصر الدين
تقريظ شعر
من قصيدة: نزلتْ فشبَّتْ
في رثاء هاشم بحر العلوم
نزلتْ فشبَّتْ فاستطارَ شرارُها *** دهياءُ أسعرتِ الممالكَ نارُها
عصفتْ بأكنافِ الوجودِ مُطلّةً *** فنرى إلى وجهِ السماء غُبارها
وعدتْ تقعقعُ في العراق مثيرةً *** نكباءَ عمَّ الخافقين مُثارُها
عادت بهاشمَ فاستعادت هاشمٌ *** من بؤس غائرةٍ فساءَ مغارُها
غدرتْ قديماً في عليٍّ وانتحتْ *** إبنيه ترصدهم لها أعصارها
كم تأتي صائلةً عليهم بالرَّدى *** خسئتْ ولكنّ القضاء غرارها!
حتى استدارت في عليٍّ سِبطَه *** فإذا المنيّةُ أنشبتْ أظفارها
ليت المنيةَ جُسِّمتْ فأقودها *** فيما جنتْه عليَّ فيه شِفارها
قد ثلَّ في الإسلامِ منها غِلمةٌ *** ولّى بعزّ المسلمين صغارُها
غالت غوائلها فشاهت أوجهٌ *** يستلُّ ضوءَ المشرقين شِرارها
فاسودَّ وجهُ الأفقِ حتى إنني *** خلتُ الكواكبَ قد عفتْ آثارها
والأرضَ رُجّتْ والجبالَ تدَكْدكَتْ *** والناسُ شاخصةٌ لها أبصارُها
أعظِمْ بنازلةٍ بآل المرتضى *** نزّاعةٍ يشوي القلوبَ أُوارُها!
هي لم تزل تنتابهم فكأنهم *** مرمًى لها دون الورى وجمارها
لم تنتقدْ إلا الجحاجحَ عنهمُ *** عثرتْ فتعسًا لا يُقال عِثارها
ما للنوائب والأكارمِ هل لها *** وِتْرٌ لديهم أو لديهم ثارها؟
يا حجّةً فينا وكم من حجّةٍ *** قامت به يهدي الأنامَ منارها!
بحرُ العلوم وغيثُها وغياثُها *** عزُّ الشريعةِ قطبها ومدارها
والآيةُ الكبرى ومن آياتهِ *** أن البحار على الرؤوس مَسارها
قامت بها الأملاكُ لكنْ أوهمتْ *** أنَّ البحورَ على الرؤوسِ قرارها
حتى أتى الوحيُ المبينُ بآيةٍ *** إن البحارَ إلى القبور مُصارها
فاعجبْ لها أن كيف غِيضتْ في الثرى *** بل للثرى أمستْ تغيضُ بحارها
آهٍ على تلك الوجوهِ وإن يكنْ *** مأوى ملائكةِ السماء مَزارها
قصيدة: يا ناصر الدين
يا ناصرَ الدين انصرْ ناصرَ الدينِ *** وافتح له ما وراء الهند والصينِ
وارفع له رايةً منصورة أبدًا *** كراية المصطفى خير النبيّين
لم تسرِ إلا وجيشُ الرعب يقدمها *** وخلفها فئةٌ شُمّ العرانين
واحفظْ به ملّةَ الإسلام وامحُ به *** معالمَ الشرك واحيِ ميّتَ الدين
واسقِ المواضي الظوامي إنها ظمئت *** إلى دم الكفر وارمِ الشرك بالهون
واحففْ سراياه بالأملاك مردفةً *** بكل جيشٍ بنصر الله مقرون
أقم به سنّةَ الدين التي دَرسَتْ *** بكل لَدنٍ يشكّ الشركَ مسنون
وليس يعجز ذا مولىً مشيئتُه *** موقوفةٌ بين كاف الأمر والنون
صيَّرتَه للهدى ذخرًا فصُنْه به *** واجعلْه أكرمَ مذخورٍ ومخزون
سيوفُه بقراع الكفرِ قد فنيت *** ورمحُه بسواها غيرُ مفتون
يا ناصرَ الدين يا من أَحكمتْ يدُه *** أركانَ ما قد بناه آلُ ياسين
عن ساعد العزم شمِّرْ غيرَ مكترثٍ *** واحصدْ بسيفك أجناد الشياطين
والزمْ شقيقك في الإسلام متّخذاً *** أخاه عضْبًا على هام السلاطين
ذاك الذي ترهب الأقطار صولته *** عبد المجيد أخوك الندب في الدين
ودع جيوشكما في الأرض جائشةً *** بكل قطرٍ من الأقطار مسكون
فأنتما قمرا أفقِ الهدى ولَكَم *** أقمتما للهدى غُرَّ البراهين
وكم جيوشكما أفنت بحزمكما *** طوائفًا بين منحورٍ ومطعون!
صُبّا على الشرك سوطًا من عذاب لظى *** سيفيكما بشُواظٍ فيه مكنون
وشَيِّدا شرعةَ الهادي ببأسكما *** ونفّذا كلَّ مفروضٍ ومسنون
وتوّجا بيضةَ الإسلام تاجَ عُلاً *** بلؤلؤٍ من نظيم النصر مكنون
يا ملبسَ المُلْك عدلاً عمّ منتشرًا *** على ممالك سيحون وجيحون
اقرأْ على الكفر آيَ السيف مغتنمًا *** أجرًا بذلك أجرًا غير ممنون
وقم وكنْ ناصرا للدين منتصرًا *** بسيف خاتمة الغُرّ الميامين
وثُرْ بكل عرينٍ من ليوث شرًى *** وارغمْ لكل عنيدٍ كلَّ عِرنين
واكشفْ بصادق فجر البيت مُصلتَه *** ظلامَ ليلٍ من الهيجاء مدجون
واطبقْ طباقًا على الطاغين إذ طفحوا *** وعادِ طغيانهم طغيانَ قارون
زَوّجْ نفوسَ أعادي الدين يومَ وغىً *** من طعن رمحك بالأبكار لا العُون
وطهِّرِ الأرض كم طهَّرت ساحتها *** من كل رجسٍ ببطن الوحش مدفون
من لم يصدِّقْ بحشرٍ من طغاتهمُ *** أقم له بالظُّبا غُرَّ البراهين
وائذنْ بحربٍ ولا تأذنْ بسلمهمُ *** فالسيفُ بالسلم عنهم غيرُ مأذون
تقريظ شعر
قُلْ للألى هاموا بأشعارهم *** في كل وادٍ فهمُ يلعبونْ
يا أيها الناسُ اتَّقوا ربَّكم *** أنتمُ وآباؤكم الأّولونْ
جريْتُمُ والفضلُ قد فاتكم *** قصّرتمُ من حيث لا تشعرون
وكيف قد جازوا بأبياتهم *** بمشهدِ النّاسِ وهم ينظرون؟
فذو اليدِ البيضاءِ قد جاءهم *** بآيةٍ تلقف ما يأفكون
المصادر:
1 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج4) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
2 – علي كاشف الغطاء: الحصون المنيعة (مخطوط).
2015-03-25