طاهر بن أحمد شهاب الدين الدجيلي
المعروف بـ(طاهر الدجيلي)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1260هـ – 1844م)، وفيها توفي عام (1313هـ – 1895م).
نشأ على أبيه في بيت قدم للحياة العلمية والأدبية غير واحد من العلماء والأدباء، وكان لإخوته الذين ذاع صيتهم في الوسطين: الأدبي والعلمي – أثر في توجيهه.
مال إلى أدب المسامرة والقصص ونظم الشعر، كما كان مشهورًا بحضور البديهة وسرعة الخاطر، وكانت مجالسهُ معروفة في الحلة والهندية وبغداد.
الإنتاج الشعري:
له عدة قصائد في كتاب: «شعراء الغري»، القليل الذي وصل إلينا من شعره في المدح والرثاء ومراسلة الإخوان، كما تميل قصائده إلى الإطالة، وتقودها المعاني التقليدية، والعبارات التقريرية.
نموذج من شعره:
نسمات الصبا
رزءٌ أطل
ألق العصا
قصيدة: نسمات الصبا
نَسَماتُ الصَّبَا أهاجت غراما *** فأعادتْ من الصِّبَا أَيّاما
ذكَّرتْني. ولستُ أنْسَى. ليالٍ *** في رُبا عالجٍ سُقينَ الغَمَاما
بتُّ فيه والحبُّ كانَ سميري *** لستُ أخشَى العذولَ والنَّمَّاما
والحُمَيّا شَعَّتْ كمِقْباس نارٍ *** أو كشمسٍ يجلو سناها الظلاما
في يدَيْ ناعسِ اللواحظِ أحْوَى *** لاح بين الجُلاّسِ بدرًا تماما
قصيدة: رزءٌ أطل
(في رثاء كريمة السلطان فتح علي شاه)
رُزْءٌ أطلَّ فطبَّقَ الأكْوانا *** حُزنًا وأجَرى مدمعي عِقْيانا
ألقَى بأكنافِ الغَريِّ جِرانَهُ *** يومًا فَضَعْضَعَ خطبُه «إيرانا»
رزءٌ به شمسُ المعالي كُوِّرتْ *** فتخالُ كُلاً حَيْنُه قد حانا
أجرَى المدامعَ من مُذابِ حُشَاشتي *** وجْدًا وأَضْرَمَ في الحشا نيرانا
عَجَبًا لصرْفِ الدهرِ كيفَ اغْتالَهَا *** من خِدْرها وهوَ المنيعُ مكانا
لكنَّها شوقًا إلى ما قدّمتْ *** قدمتْ فباهت حُورُها الوِلْدانا
ورأت عِيانًا في الجنانِ منازلاً *** يا مَنْ رأى قبلَ المماتِ جِنانا
لبست من الفردوس أبهى حلّةٍ *** من بعدما عقدوا لها الأكفانا
لله من خَطْبٍ جليلٍ فادحٍ *** لم نستطع عن مثله سُلْوانا
فَمَنِ المعزِّي ناصرَ الدينِ الذي *** عقدتْ له أيدي العُلا تيجانا؟
واخْتاره ربُّ البريةِ ناصرًا *** للدين من دونِ الأنامِ فكانا
حامي شريعة أحمدٍ في سيفه *** وله الملائكُ أصبحت أعوانا
مُلْكُ الأكاسرِ شاده في عزمهِ *** وبنَى على إيوانِهِمْ إيوانا
خضعتْ له صِيدُ الملوكِ فلم تكن *** تدري سواه في الورى سلطانا
لولاكَ يا مُحْيِي الشريعةِ ما رَقَا *** دمعٌ لأبناءِ المليكةِ آنا
وتفاقمَ الخطبُ الجليلُ عليهِمُ *** لكنَّه بدوامِ عزّكَ هانا
سَفَهًا أقولُ لمن تلفَّعَ بالتقَى *** صبرًا وكان لأهله عنوانا
ذاك الأغا الحاج الذي في فضله *** حتى عِداهُ تحدّثتْ إعلانا
إنْ تلقَهُ في الحِلْمِ تُبصرْ أحنفًا *** وتراه ما بين الورى سلمانا
ورقى مراتبَ ليس ترقاها الورى *** هيهاتَ أن ترقَى الورَى كِيْوانا
أسَدُ الكريهةِ إن سطا لكنه *** يهتَزُّ يومَ عَطائه نَشْوانا
وكذا عليُّ القدر من لم يستطعْ *** أحدٌ يحرِّكُ في عُلاه لسانا
ماذا يقولُ بمن تجلبَبَ بالعلا *** فغدا لعينِ زمانه إنسانا
قد فاق مَعْنًى في سماحةِ كفِّهِ *** وتراه عند حديثه «سَحْبانا»
أحيا مآثرَ من أبيهِ جَمَّةً *** أضحت تراها العالمون عِيانا
أقسمْتُ باسْمِكَ وهْوَ خيرُ أليَّةٍ *** لا زالَ رِفْدُك يُنْعش الأبدانا
كالغيثِ يُحيي الأرضَ بعد بوارها *** اللهُ يشهدُ لم أقلْ بُهْتانا
وبجِيدها طوقٌ لفضلِكَ ناصِعٌ *** وبنحْرِها دُرَرُ المقالِ جُمَانا
وسقَى الإلهُ ضريحَها من عفوه *** صوبَ السحائِبِ هاطلاً هَتَّانا
قصيدة: ألق العصا
(في مدح محمد عارف الألوسي)
ألقِ العصا وأرِحْ يا راكبَ السفرِ *** لقد ظفرت بأقصى غاية الظفرِ
بمربعٍ فيه تلقى الوفدَ عاكفةً *** كأنه كعبةٌ أضحى إلى البشر
فيه حليف الندى والمجد «عارفُ» من *** بفضله غنّتِ الركبانُ في السَّحر
فما رأينا له نِدّاً ولا مَثَلاً *** بفخره لم يدع فخرًا لمفتخر
فكم له من يدٍ بيضاءَ ناصعةٍ *** فيها استرقَّ رقابَ البدو والحضر
يا عادلاً لم يجرْ يومًا على أحدٍ *** قد فاق كسرى بحكمٍ فيه لم يجر
بصادق القول كالأب الشفيق يُرى *** ونقمةٍ مُرّةٍ للكاذب الأشر
لله من أسدٍ في القلب أجمتُه *** لا تستطيع رُقاها أنجمُ الزُّهُر
يا صاحبَيَّ انظرا الفيحاءَ آمنةً *** فلا يلوح عليها خوفُ ذي حذر
ثم اسألاها فهل لصٌّ يمرّ بها *** تُجبْك لا بل ولا للزور من أثر
يا بنَ الكرام [الألى] سارت مناقبهم *** بين الأنام مسيرَ الشمس والقمر
هم معشرٌ خاطتِ العليا ثيابَهمُ *** بالعلم والحلم والمعروف لا الإبر
أشكو إليك زمانًا كاد يوردني *** لو كان دون البرايا مورد الكدر
فما ليَ اليومَ غوثٌ أستغيث به *** ولا لغير نداكم يرتقي بصري
فجودكم غير مخصوصٍ به أحدٌ *** كالغيث فيه سواءً سائرُ البشر
أبقاك ربك حصنًا نستجير به *** ما رنحَّ الريحُ منها مائسَ الشجر
فاقبلْ مديحي رعاك الله من ملكٍ *** وما ترى من قصورٍ فيه فاغتفر
المصادر:
1 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها (ج 3) – مطبعة النعمان – النجف 1957م.
2 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج 4) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
3 – علي كاشف الغطاء: الحصون المنيعة – (مخطوط. بمكتبة كاشف الغطاء).
2015-03-26