كاظم بن حسن بن علي بن سبتي السهلاني الحميري
المعروف بـ(كاظم سبتي)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأِشرف سنة (1258 هـ – 1842 م)، وفيها توفي عام (1343 هـ – 1924 م).
عاش حياته في العراق.
نشأ يتيمًا أودعته أمه عند صائغ ليلقنه صناعته، ولكن موهبته قادته إلى الأدب والشعر، فدرس على عدد من المختصين في العلوم الأدبية والدينية، فأحرز نبوغًا مبكرًا في هذه العلوم.
عمل خطيبًا متجولاً في المواضيع الأدبية والتاريخية، حتى أصبح موضع إعجاب علماء عصره، وفي عام 1890 رحل إلى بغداد، ومكث فيها سبع سنوات، ثم عاد إلى النجف.
كتب الشعر بالفصحى، وباللهجة العامية المحلية، وبعض شعره على الأوزان الفارسية.
الإنتاج الشعري:
له ديوان: «منتقى الدرر في النبي وآله الغرر» – المطبعة العلمية – النجف 1372ه/1952م، وأورد له كتاب «شعراء الغري» عددًا من القصائد.
يدور جل شعره حول المديح والغزل والرثاء، أما المديح والرثاء فاختص بهما آل البيت رضي الله عنهم مذكرًا بمناقبهم الجليلة، وأما الغزل فيجيء تعبيرًا عن الرغبة في تحقيق الوصال مع من يحب، ووقوف الرقيب حائلاً دون هذه الرغبة، وهو في ذلك تقليدي: يبدأ مديحه ورثاءه وتغزله بالوقوف على الأطلال، ومناجاة الصاحبين على عادة القدماء، وتقليدي كذلك في لغته وخيالاته التي ينتزعها من ثقافته الشعرية الموروثة.
عناوين القصائد:
· بدت ليلى
· شكوى المحبّ
· ليلة النوى
قصيدة: بدت ليلى
بدتْ ليلى فضاءت من سناها *** ليالي الهمِّ غِربيبٌ دُجاها
أظلّتنا دُجنّتُها ولمّا *** أضاء سنا مُحيّاها جلاها
سرتْ ليلاً فحيِّ فيه ليلاً *** سرتْ فيه وحيِّ به سُراها
بدت سَحَرًا فضاء بها فكانت *** به شمسًا وكان به ضُحاها
تَشعشعَ نورُه والكأسُ فيه *** فأسفرَ من ضياه ومن ضياها
وراحتُها كروحِ الصبِّ رقّتْ *** وقد سقمتْ فكان بها شِفاها
شُغِفتُ كأنّ ما في الدهر صبٌّ *** سوايَ ولا مُواصلةٌ سواها
فجرّعني الهوانَ وشفَّ جسمي *** هوى نفسي وآفتُها هواها
أذمّ هوًى به شفّتْ وأُثني *** على غضّ النسيمِ إذا ثناها
ويرصدنا الرقيبُ عن التلاقي *** فقل لي كيف أحظى في لقاها
لقد غدتِ الليالي البِيضُ سُودًا *** غداةَ نأتْ وشطَّ بها نواها
فسلها لِمْ سَلَتْ وأبتْ أبيّاً *** تُجرّعه الهوانَ وما سلاها؟
فإن الودَّ منّي ما جنتْه *** وإن عظمتْ جرائمُها محاها
لقد منحتْكَ بعد الهجرِ وصلاً *** فما شيءٌ بدا إلا تناهى
فمن لي أن ألمَّ بربع أُنسٍ *** لها فأعودَ ملتثمًا لَماها؟
فهل بعد التنائي من تلاقٍ *** به عينُ المشوق ترى كَراها؟
فيُنقَل من لهيب الشوقِ صبٌّ *** صبا والشوقُ نارٌ فاصطلاها
قصيدة: شكوى المحبّ
تثنّى فأزرى بالقنا مَيْلُ قدّهِ *** وطاف فشعَّ الكأسُ من ضوء خَدّهِ
ومنَّ علينا بالسلام وكم غدا *** يضنّ على مُضنى هواه بردّه
بقدٍّ رشيقٍ خِيل في نَسَم الصَّبا *** إذا نسّمتْ كادت تهمّ بقصده
وخدٍّ أسيلٍ كان يكفيكَ شمُّه *** شذا كلّ طيبٍ لو حَظيتَ بوَرده
بدا في ظلام الليلِ يفترّ باسمًا *** فشابَهَ نظمًا ثغرُه نظْمَ عِقده
لقد كاد يهدي ضوءُ صبحِ جبينهِ *** عواذلَه لولا دجى ليلِ جعْده
لقد جمعا ضِدّين فاستُحسنا معًا *** ويظهر حسنُ الضدّ في حسن ضدّه
فإني خبيرٌ لو سألتَ عن الهوى *** لما ذقتَ من مُرّ الغرامِ وشهده
فيا هل إلى ذاك الحمى عن قبيلةٍ *** عسى حرُّ قلبِ الصبِّ يُطفا ببَرده
أعانقه والنحرُ يُشرق لونُه *** فيستر من خوفِ الوشاة ببُرده
خليليَّ لا أشكو لخِلٍّ سواكما *** فإن الهوى أورى حشايَ بزنده
فعطفًا على مُضنى الغرامِ فقد وهى *** وشفَّ فأشفى أن يموتَ بوجده
أبثّكما أني علقتُ بشادنٍ *** وددتُ بأني لا بُليتُ بودّه
أحنّ إليه وهو من شأنه الجفا *** فما لمتُه إلا أتى بأشدّه
فلم أرَ ظبيًا قبله صدَّ نائيًا *** يقرّب حتفَ العاشقين ببعده
وقاطعُ عَضْبٍ مثلُ فاترِ طَرْفهِ *** يُقطّر أُسْدَ الغابِ وهو بغِمده
فديتُكما لم أُرْدَ من غير لحظهِ *** خُذا قَوَدي ممّن رماني بعَمده
مضى زمنٌ بالخَيْف لو كان عائدًا *** وإن يُفْدَ فيما عزَّ في الدهر أَفْدِه
لحى اللهُ عُذّالي على الحبّ إنني *** ومن هام قلبي فيه سالكُ نجده
ولا قرّبَ الواشي فمن سعيه بهِ *** نأى ذاهبًا عني فمَن لي بردّه
فيأتي على رغم العذولِ حبيبُه *** يعود له بالوصل من بعد صدّه
قصيدة: ليلة النوى
فليت الليالي كلَّها ليلةُ النوى *** وإن أجّجتْ في مهجتي نارَ وقْدها
لقد قرّبتْ لي للوداع بجنحها *** فتاةٌ أرى قربَ الردى دون بُعدها
إلى الله كم أُبدي الخضوعَ لغادةٍ *** تراني وقد سُدْتُ الأنامَ كعبدها
وإني لصعبٌ في مغامزة القنا *** وتقتادني طوعًا بميّاس قدّها
لقد كان يهدي ضوءُ صبحِ جبينها *** عواذلَها لولا دجى ليلِ جعدها
المصادر :
1 – أغا بزرك الطهراني: الذريعة إلى وسائل الشيعة – (ج 9) – دار الأضواء – بيروت 1983.
2- جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها – (ج 2) – مطبعة النعمان – النجف 1957.
3 – جعفر صادق التميمي: معجم الشعراء العراقيين المتوفين في العصر الحديث ولهم ديوان مطبوع – شركة المعرفة – بغداد 1991.
4 – حيدر المرجاني: خطباء المنبر الحسيني – (ج 1) – مطبعة القضاء – النجف 1977.
5 – علي الخاقاني: شعراء الغري – (ج 7) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954.
2015-04-18