محمد جواد بن نعمة بن محمد بن صافي
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1348 هـ – 1929 م)، وفيها توفي عام (1419 هـ – 2000 م).
عاش في العراق.
التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة منتدى النشر في النجف.
تدرج في مراحله التعليمية حتى حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الدينية من كلية الفقه في المدينة نفسها.
عمل مديرًا لمكتبة (آل حنش) العامة في النجف، إضافة إلى قيامه بالمهام الشرعية باعتباره رجل دين، كما عمل في مجال التجارة ببغداد، وكان له فيها شأن.
كما أنه كان عضوًا في جمعية منتدى النشر في النجف.
الإنتاج الشعري:
أورد له كتاب: (شعراء الغري) عددًا من القصائد، وله ديوان مخطوط.
تميز شعره مسحة تأملية فلسفية تتجه إلى إثارة الأسئلة حول الغاية والمصير، يبدو تأثره بقصيدة خليل مطران «المساء» فيما يتعلق بوصف الشمس ساعة الغروب.
وله شعر في نقد الأوضاع السياسية في زمانه، إلى جانب شعر له حول هموم أمته العربية وقضاياها خاصة قضية فلسطين، كتب في الوصف واستحضار الصورة، كما كتب في الشكوى معبرًا عن تبرمه من تبعات الحياة، يحدوه أمل هش في الانعتاق، وله شعر يشيد فيه بمدينة النجف، داع إلى إطلاق حرية المرأة في التعليم والاختيار، ببعض شعره نزعة حسية تعتد بالمرأة جسدًا ورغبة، يميل إلى استقصاء المعاني وسبر أغوار الفكرة، اتسمت لغته بالتدفق والعمق، وخياله بالثراء، التزم النهج الخليلي إطارًا في بناء قصائده.
عناوين القصائد:
. ثغور وعيون
. الشاعر الإنساني
. حي النساء
قصيدة: ثغور وعيون
أرِقِ الرَّاحَ يا مديرَ الرَّاحِ *** واسقنا الخمر من ثغور الملاحِ
قد عشقْنا الرُّضابَ من ثغر ليلى *** وسئمنا الصّهباءَ في الأقداح
من أراد الحياةَ تحلو مذاقًا *** لم تَشُبْها مرارةُ الأتراح
فليُرَوِّ غليلَهُ من ثغورٍ *** فضلت راحُها على كلِّ راح
نحنُ فوقَ الثّغور نمتصُّ شهْدً *** مثل نحل يمتص ثغرَ الأَقاح
من يمصُّ الشّفاهَ رشفًا فرشفًا *** سوف يحيا حياتَه غيرَ صاح
إن خلفَ الشِّفاه دُرّاً نضيدًا *** فهْو يُزري باللؤلؤ اللمَّاح
وهو كنزٌ من اللآلي ثمينٌ *** مغلقٌ وابتسامُه مفتاحي
ثغرُها زهرةٌ على الغصن أضحتْ *** فتحتْ كُمَّها بكلِّ صباح
زهرةٌ والخدود تُفَّاحُ *** يا لزهرٍ قد حفَّ بالتفاح
إنَّ أهدابَها سلاحٌ قوِيٌّ *** شَهَرَتْهُ من العيونِ الوقاح
فهي تغري المشتاقَ بالزهر لكن *** تتوقَّاه – إن أَتى – بالسِّلاح
ها هُمُ العاشِقونَ ماتوا ضحايا *** أين سارتْ يهوون مثل الأضاحي
فهْي قالت مرأى زُهوري *** واستراقُ الزهورِ غيرُ مُباح
كم أراد الفؤادُ زهرًا بإلحاح *** كطفلٍ معاندٍ ملحاح!
فإذا ما دنوتُ منها قليلاً *** أبعدتْني بزجرةٍ وجِماح
ثم أدنو وهكذا نتلاقى *** ففؤادي وعينُها في كفاح
الشاعر الإنساني
شاعرٌ رقَّ طبعُهُ فتراهُ *** ذا شعورِ أفاضَ منه حنانَهْ
منظرُ البؤس طالما يتلقَّاهُ *** فيوري بقلبه نيرانَهْ
إِنَّ في صدره بقايا حنانٍ *** وشقاءُ الورى أذابَ جنانَهْ
كمنَ الحزنُ في الحنايا ومرأى *** البؤسِ في الناس باعثٌ أحزانه
مثلُ عود واللحنُ يكمنُ فيه *** مرسلاً بعد جَسِّه ألحانَهْ
شاعرٌ خالفَ الأنامَ بدينٍ *** شاعرِيٍ فخالفوا إيمانه
ليس فيه كفرُ وحاشاه أن *** يكفرَ يومًا بربه سُبْحانه
إن قرآنَه حوَى سُورة الحبِّ *** مع الخير فاقرؤوا قرآنه
فهو بين الأنام مثل رسولٍ *** قد تلقَّى من السّما ديوانَه
ليس فرقٌ بين الأنام لديه *** إذ يرى الناسَ كلَّهُمْ إخوانَه
ويرى الأرضَ كلَّها وطنَ النّاس *** فأنَّى مشى رأى أوطانه
ويرى آدمًا أبا الناس طُرّاً *** لم يفرِّق بدينه فِتيانَه
حيّ النساء
حيِّ النِّساءَ بجمعهنَّهْ *** وأعدْ علينا ذِكرهُنَّهْ
فألذُّ من نغمِ الهزا *** ر – بمسمعيَّ – حديثُهنَّه
وأرقُّ من نسماتِ فج *** رٍ رائقٍ أنفاسُهنَّه
وأخفُّ من ظلِّ الغصو *** ن – على الأزاهر – ظِلُّهُنّه
من ظنَّ أنَّ الحسن في *** زهرِ الرُّبا كذَّبْنَ ظَنّه
فالزهرُ يفخرُ حينما *** يحتلّ عرشَ صدورِهِنّه
والطَلُّ ودَّ لو *** كان عِقدَ نحورهِنّه
أما النسيمُ فإنَّه *** نشوانُ من قبلاتهنّه
كم ذا تداعبُ كفّ *** لهوًا جميلَ ثِيابهنه
فتخاله صبّاً يهي *** مُ بحُبِّهنَّ وقد أجنَّه
ما هنّ إلا الأمها *** تُ وإنَّ ذلك حسبهنَّه
يحملن أكبادًا ترا *** ءى العطفُ في طيَّاتهنه
إن يبتسمن تفتَّحت *** أكمامُ وردِ ثغورِهِنّ
وإذا نظرن أطلَّ *** الحبِّ من أهدابِهنه
لا ترقدُ الأطفالُ إ *** لاّ تحت ظلِّ حنانِهنّه
ما كان أهنأهم إذا *** ما استفرشوا أحضانهُنه
وترشفوا لبنَ الودا *** دِ منعَّمين بعطفهنه
ما هذه الألبان إ *** لاّ من عصيرِ قُلوبِهنّه
رفقًا بهنَّ إذا نقد *** تم مرةً رفقًا بهنه
لا تجرحوا بشديد عت *** بكُمُ رقيقَ شعورهنه
المصادر:
1-علي الخاقاني: شعراء الغري (ج7) – مطبعة الغري – النجف 1954.
2-كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين ( في القرنين التاسع عشر والعشرين ج3) – مطبعة الإرشاد – بغداد 1969.
3- محمد هادي الأميني: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام مطبعة الآداب – النجف 1964.
2015-04-20