الأربعاء , 24 أبريل 2024
الرئيسية » معالم نجفية » مراقد » مرقد كميل بن زياد النخعي اليماني

مرقد كميل بن زياد النخعي اليماني

kumail-bn-ziad6

 

المزار.. الماضي والحاضر والمستقبل

أ. في الماضي:

أول من أشار إلى قبر كميل بن زياد هو السيد البراقي حيث ذكر في ترجمة كميل: (… وقبره عند الثوية معروف يزار ويتبرك به)، وقد تبعه السيد محمد باقر الخوانساري في روضات الجنات حيث قال: (ثم إن قبر كميل ـ على ما ظفروا به في هذه الأواخر، وجعلوا له لوحاً ومزاراً، وبنو عليه بنياناً وشعاراً ـ واقع بين مسجد الكوفة والنجف الأشرف على يمين الخارج من الكوفة إليه)(21).

أما السيد علي الهاشمي فينقل عن العلامة القمي: (إن بالقرب من مسجد الحنانة شرقاً تلاً صغيراً يقال له الثوية، وقديماً محل معروف فيه بئر ماء، …)(22).

 kumail-bn-ziad1

وعلى ما سبق فإن قبر كميل وجد متأخراً، أي لم يتم التطرق إليه من ذي قبل، أما الثوية فهي (موضع قريب من الكوفة، وقيل خريبة إلى جانب الحيرة، على ساعة منها، وذكر العلماء أنها كانت سجناً للنعمان بن المنذر كان يحبس بها من أراد قتله، فكان يقال لمن حبس بها ثوى أي أقام فسميت بالثوية)(23).

في حين يذكر السيد ابن طاووس في مصباحه قائلاً: (هي الآن ـ أي الثوية ـ تل بقرب الحنانة عن يسار الطريق للقاصد من الكوفة إلى المشهد)(24)، يعني بذلك مشهد الإمام عليعليه السلام، ولم يشر ابن طاووس إلى قبر كميل مما يدل على إن اكتشاف القبر جاء متأخراً ومن الجدير بالذكر أن في الثوية دفن جملة من الأعلام، أمثال خباب بن الأرت، وجويرية بن مسهر العبدي، والأحنف بن قيس، وسهل بن حنيف، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن يقطر، وعبيد الله بن أبي رافع ولم يعرف لهؤلاء قبور إلا قبر كميل فهو ماثل للعيان.

وقد ذكر حرز الدين في كتابه: (مرقده بالثوية، عليه قبة بيضاء صغيرة على تل عال من الأرض في الصحراء)(25).

 أما حفيد حرز الدين فيقول: (مرقد كميل هو من الآثار الباقية، وكان في أواخر العهد العثماني مهجوراً في صحراء لا يقصده إلا عارفوه، فهو يبعد عن مدينة النجف القديمة حوالي (1،5كم) … ثم يضيف: واليوم عمر أهل الخير والصلاح قبره وجعلوا له حرماً فوقه قبة عالية الذرى، يحيط به صحن مستدير واسع وقد أسست حول صحنه من الداخل غرف وأواوين بنيت من قبل أهل النجف فجعلوها مقابر لهم ولأسرهم…)(26).kumail-bn-ziad2

أما الوصف الآخر للقبر فقد ذكره السيد علي الهاشمي قائلاً: (…وقد شيدت ـ على القبر ـ قبة من الآجر مجصصة، وقد عبثت بها الأعاصير والأمطار فضعضعتها ومضت ببهجتها، ومن تحتها حجرة مربعة، وفي وسط الحجرة قبر كميل، وهو دكة مربعة بنيت بالقاشاني الأخضر تلوح عليها آثار القدم، كما أن أرض الغرفة مرصعة بالقاشاني الأخضر.

ووجدت هناك صخرة بيضاء وقد رقمت عليها أبيات من الشعر الفارسي، كما شاهدت على جدار الحضرة لوحة بأطار من الخشب أيضاً كتبت فيها قصيدة من الشعر الفارسي، وهناك صخرة أخرى بيضاء كتبت عليها زيارة كميل…)(27).

ب. في الحاضر:

تبنت مديرية الوقف الشيعي في النجف القيام بإعمار وترميم عدة مزارات في النجف منها مزار كميل بن زياد حيث تضمنت المرحلة الأولى إعادة تأهيل وترميم المزار حيث تم إعادة بناء الهيكل الإنشائي وجدران جديدة مع زخرفة القبة من الداخل، وقد زرناه في اليوم 17 من شهر ربيع الثاني لعام 1429هـ المصادف 24/4/2008م فوجدنا أعمال البناء والترميم قائمة على قدم وساق.

 kumail-bn-ziad4

يحتوي المزار اليوم على صحن واسع مستدير الشكل تبلغ مساحته حوالي (11،000م2) تحيط بالصحن أواوين وغرف منها قاعة كبيرة أنشأت لغرض المجالس والفواتح أصبحت أغلبها مقابر لأسر متعددة ففي الجهة الشمالية يقع مرقد عميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد الوائلي والى بضع أمتار منه يقع مرقد الخطيب الشهيد الشيخ محمد علي الإيرواني.

يتوسط الصحن المرقد المبارك ويتم الارتقاء إليه عن طريق سلم ثابت، ويتم الدخول للصحن عن طريق عدة منافذ إلا أن المنفذ الجانبي المطل على الشارع المؤدي لشارع كربلاء هو الوحيد المفتوح حالياً.

والظاهر أن التل الذي ذكر في كتابات المؤرخين قامت عليه دعائم القبر اليوم حيث لاحظنا أن تحت الأساس يوجد بناء منخفض بارتفاع متر ونصف تقريباً يحيط بالمرقد من أركانه الأربعة وقد امتلئ بالقبور، ومن الجدير بالذكر أن الخطيب السيد علي الهاشمي الذي ألف كتاباً في كميل، حاز قبراً منها حيث يقع إلى جهة اليمين، الملاصقة للمرقد.kumail-bn-ziad5

تقع أمام الحرم باحة مسقفة تتوسطها باب كبيرة من الخشب، تفتح على رواق مسقف يحيط بالحرم، وفيه الأعمال جارية حتى اليوم في إكساء الجدران الداخلية بالمرمر على ارتفاع (2م) تقريباً مع تنفيذ طوق مكتوب عليه أي من القرآن الكريم يحيط بالرواق، يتم الدخول للحرم عن طريق باب رئيسي آخر، تبلغ مساحة الحرم الداخلية (66،5م2) وقد رصفت بالمرمر، يتوسطها الصندوق الخشبي الذي يعلو دكة تم إكساؤها بالكاشي، تبلغ المساحة التي يغطيها الصندوق حوالي (4،25م2)، يرتفع الصندوق عن الأرض بمقدار نصف متر كما تم إكساء هذا الارتفاع بالمرمر أيضاً، والصندوق تم وضعه في بداية القرن الميلادي الواحد والعشرين، يعلو الصندوق قبة عالية تزخرف بفنون الزخرفة الإسلامية، تتوزع أسماء الأئمة المعصومينعليهم السلام على محيط القبة يبلغ ارتفاع القبة حوالي (6،25م) أما قطرها فيبلغ حوالي (8،15م).

وللقبة قصة، فقد كانت قبة كميل مصبوغة باللون الأخضر ثم رغب الحاج حسون علي الصراف بإضافة قبة أخرى دون هدم القبة القديمة وتم ذلك مع مضايقة رجال السلطة الغاشمة آنذاك الذين كانوا يقفون بوجه كل من يريد إعمار بيوت الله ومراقد الأولياء والعلماء، وتبدو القبة من الخارج وقد كسيت بالكاشي الكربلائي بطريقة هندسية حيث توزع اللونين الأخضر الغامق والفاتح على مساحة القبة مع وضع فواصل صفراء اللون، تفصل بين اللونين، يتصل الحرم بثلاث أروقة، اثنان على الجانبين، والثالث يطل على الجهة الخلفية للمرقد، عن طريق ستة مداخل، كل مدخلين يتوسطهما جهة من الجهات الثلاث.

 kumail-bn-ziad6(2)

أما الجهة الخلفية للمرقد فتشابه تماماً الجهة الأمامية منه، حيث يتوسط الجهة باب كبير، تتوزع على جانبيه بانتظام ثلاثة شبابيك مزخرفة بالكاشي الكربلائي، والعمل جاري في إكساء المحيط الخارجي للمرقد بالطابوق الفني تطل الجهتان الجانبيتان على المرقد على ساحة الصحن حيث توجد ست منافذ، بارتفاع (33م) وعرض (1م) تقريباً، ثلاثة منها أبواب والثلاثة المتبقيات عبارة عن شبابيك.

ج. في المستقبل:

وقد تحدث لنا الشيخ علي البغدادي، الأمين الخاص لمزار كميل بن زياد عن الخطط المستقبلية الموضوعة قائلاً: (أسندت مهمة تطوير وإعادة تعمير المراقد المطهرة والمزارات إلى الأمانة العامة للعتبات المقدسة بعدما فصلت عن الوقف الشيع وقد تم تكليفي في 1/9/2007م، وعندها قمنا بإعداد دراسة موسعة عن المزار واحتياجاته بالتزامن مع حملة الأعمار والتي نعدها كمرحلة أولى لإعمار المزار التي تنفذها مديرية الوقف الشيعي في النجف الأشرف بإشراف مجلس إعمار المحافظة وقد تبنينا كأمانة خاصة وضع مرحلتين أخيرتين ليمر المزار بثلاث مراحل إعمار، تتضمن المرحلتين ما يلي:

1ـ تنفيذ جدار خارجي يحيط بالمزار كاملاً وفق نظرة معمارية هندسية.

2ـ بناء مجموعة صحية متكاملة.

3ـ إقامة معهد للدراسات العلمية ومجمع للبحوث العلمية وفي النية التواصل مع المراكز البحثية العلمية والجامعات العالمية.

4ـ يتكفل المجمع بتحقيق المخطوطات وطبع كتب وإصدار مجلة تعنى بالدراسات والبحوث.

5ـ إنشاء مكتبة عامة للمطالعة.

6ـ إنشاء قاعة كبيرة للزائرين تتكفل بتهيئة معدات الطعام والشراب.

كل ما ذكرناه تم إدراجه في خطة عام (2008م) التي قدمناها والتي تمت الموافقة عليها، واليوم نحن بصدد متابعة المخططات الهندسية التي سوف تنجز ببغداد.

المصادر:

(21) تاريخ الكوفة، ص335.

(22) كميل بن زياد، ص83.

(23) الحموي، معجم البلدان، 2/87.

(24) مصباح الزائر ص119.

(25) مراقد المعارف 2/219.

(26) حرز الدين، تاريخ النجف الأشرف 1/341.

(27) كميل بن زياد، ص87.

النص مقتبس من مجلة ينابيع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.